رأي في الحوار الوطنيّ… حوار وطنيّ أم تدبير انقلابيّ؟

بقلم نورالدين الغيلوفي

وعاد الاتحاد إلى فرض الحوار “الوطنيّ” بالقوّة.. نعم بالقوّة، وقسّم الفرقاء إلى قسمين:
* قسم أذن له بالمشاركة في الحوار، من صنف الذين أطردهم الشعب من صناديق الاقتراع.. لأنّه يجوز إقالة الشعب لاستبداله بالاتحاد.
* قسم قرّر منعه من الحوار، من صنف الذين قبلهم الشعب في صناديق الاقتراع.. وليذهب شعب الناخبين إلى الجحيم.
يسمح الاتحاد لنفسه بذلك لأنّ عصاباته استغلّت الثورة لاستضعاف الدولة.. وأظهرت قدرة فائقة على تعطيل الاقتصاد وتجويع الناس ومنع الدواء عنهم.. وزرع الإحباط فيهم.. وكلّما عُصيَ له أمر رفع هراواته وعاد إلى عربدته التي عرفها الناس عنه منذ موقعة منع أمينه العام الأسبق عبد السلام جراد من السفر استنادا إلى شبهة فساد عالقة به منذ أن كان مع بن علي لرفع التحديات…
الحوار لماذا ؟
– لماذا الحوار؟
– لإيجاد حل
– ولكن يكفي أن يمنع الاتحاد الإضرابات ليأتيَ الحل.
– لا.. الاتحاد يحبّ أن يكون هو صانع السياسات.. وقد قرّر أن المشكلة في بعض وجوهها سياسيّة.. ويريد حزمة “الإصلاحات” كاملة.. ولا يقبل بفصل الاجتماعي عن السياسيّ.. وليس الاجتماعيّ في الحقيقة غير النقابيّ.
والإصلاحات التي يزعمها الاتحاد لا تعني شيئا غير الانقلاب على إرادة الناخبين وإفراغ المؤسسات، التي جاءت بها الثورة، من مضامينها.. وتحكّم النقابيّ في السياسيّ.

من الذي يحكم البلاد منذ عشر سنين؟

حاكم البلاد الفعليُّ هو الاتحاد العام التونسيّ للشغل.. ومن يتتبّع مسار الأحداث منذ سنة 2011 يعرف أنّ الاتحاد قد استثمر ضعف الدولة ليسوّق مقولة “أكبر قوّة في البلاد”.. ويرغم الجميع على القبول بإملاءاته والاستجابة لشروطه تجنّبا لعربدته..
ومن علامات القوة:
– ظهور الحرس النقابيّ في غير مناسبة بهراواتهم يهدّدون بها حتّى أبناء المنظّمة الذين يعترضون على مساعي التمديد للطبّوبي وأعوانه.. هؤلاء يصنعون، خارج القانون، ما لا يصنعه الحرس الجمهوريّ بالقانون.
– الإضرابات العشوائية التي لا تحصى في القطاعين العام والخاص.. وهي عمل منهجي يستهدف تعطيل العمل وضرب آلاته وتحطيم وسائل الإنتاج وإصابة الاقتصاد في مقتل.. حتى إذا جاع الناس حرّضهم النقابيون على التظاهر وتقدّموا صفوفهم وهم يصرخون “لقد جوّعونا”.
– فرض وزير على الأقلّ تابع للاتحاد في كلّ حكومة كما لا تستطيع الأحزاب المساندة للحكومات أن تفرض.. وبذلك يحكم ويعارض في الآن ذاته.. يُضرب النقابيون عن العمل فيدفع لهم الوزير جراياتهم مضاعفةً معززةً بمنح الإنتاج كما لا يفعل أيّ مسؤول يملك ذرّة من الوطنيّة وإرادة دنيا للإصلاح.
ولكن ما الاتّحاد؟
الاتحاد هو مكتبه التنفيذي.. وأعمدة هذا المكتب هم:
• سامي الطاهري.. وهذا وطد.. والوطد لم يبق لهم في المشهد السياسي غير نائب وحيد هو المنجي الرحوي.. والوطد يحبّ أن يحكم خارج الصندوق رغم أنف الشعب.. وتلك هي الديمقراطية في فهمهم.
• وسمير الشفّي.. وهذا من حركة الشعب.. وهذه، كما قال الصافي سعيد عنها تنظيم تابع للاتحاد يخترق به المشهد السياسي ليتحكّم فيه أو ليعطّله.
• وحفيّظ حفيّظ.. وهذا من حزب العمّال الشيوعي.. وهو من الأحزاب التي دخلت حقبة السبات السياسي لا يعبّر عن حياته غيرُ زعيمه التاريخيّ حمّة الهمّامي يؤتى به إلى الإعلام لتعهّد صوته مخافة أن ينسى الكلام.
بالعقل.. هؤلاء هل يُطمع في أن يُصلحوا الشأن السياسي؟ هل يوثق فيهم ليقودوا حوارا وطنيّا يعود بالفائدة على الوطن؟ هل يمكن لمن عجز أن يصلح السياسة بالسياسة أن يصلحها بالنقابة؟
هؤلاء لا غاية لهم غير إعادة ترتيب الأوراق لتكون أحزابهم هي الأحزاب الحاكمة بدل الأحزاب التي انتخبها الشعب.. يريدون إفراغ الصناديق من أصوات الشعب ليملؤوها بأصواتهم هم دون سواهم.. بقية الشعب، عندهم أبقار ترعى.. وهم لا يحبّون البقر…
الاتحاد ليس حريصا على الإصلاح.. لأنّه يعيش على الأزمات لتأبيد سطوته والتحكّم في كلّ شيء. وإذا تجاوزت البلاد مشاكلها سيحال الطاهري والشفي وحفيّظ على الصمت ولن تجد الشاشات حاجة إلى دعوتهم إلى الظهور.. ولن تخاطبهم الإذاعات.. وهذا أمر لا يناسب غريزة الظهور لديهم.. والدليل هو مسعاهم إلى تعديل قانون المنظّمة لأجل التمديد لطاقم الجاهلين هؤلاء حتّى يبقوا طافين فوق السطح مثل الزعماء.
فهل يمكن أن يقود حوارا وطنيّا لتعزيز الديمقراطيّة هؤلاء الذين يحتالون لانتهاك قانون منظمتهم لأجل التمديد لأنفسهم؟

nexus slot

garansi kekalahan 100