المرصد الاورومتوسطي لحقوق الانسان : حل المجلس الأعلى للقضاء يؤسس للحكم الشمولي

جنيف – قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ المرسوم الذي أصدره الرئيس التونسي “قيس سعيّد” وحلّ بموجبه المجلس الأعلى للقضاء واستحدث مجلسًا آخر مؤقتًا مخالف للدستور، ويمس باستقلالية القضاء، ويُلغي مبدأ الفصل بين السلطات.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الأحد أنّه لا توجد مكنة دستورية تعطي الرئيس التونسي صلاحية التدخل في السلطة القضائية على هذا النحو، محذرًا من تداعيات مُحتملة للمرسوم الرئاسي على تركيبة النظام القضائي في تونس، ما قد يتسبب في إرباك أو تعطيل المنظومة القضائية في البلاد.

    قرار الرئيس التونسي “قيس سعيد” استحداث مجلس أعلى مؤقت بصلاحيات جزئية وحل مجلس القضاء الحالي نتيجة مباشرة لتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات

يوسف سالم، باحث قانوني لدى المرصد الأورومتوسطي

 

وكان “سعيّد” أصدر مساء السبت 12 فيفري 2022 مرسومًا يحمل الرقم 11/2022، ويقضي بإحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء، وحلّ المجلس القائم، بزعم وجود شبهات فساد في منظومة القضاء، بعد نحو شهر من مرسوم سابق وضع فيه الرئيس حدًا للمنح والامتيازات الممنوحة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ المرسوم الرئاسي الجديد يستند في تأصيله القانوني على الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها “سعيّد” في 25 يوليو/ تمّوز 2021، وهو استناد باطل وغير دستوري؛ كون الإجراءات الاستثنائية استندت بالأصل إلى الفصل 80 من الدستور التونسي لعام 2014، والذي لا يمنح الرئيس صلاحية ما اتخذه من إجراءات استثنائية على مدار الشهور الماضية.

وأوضح أنّ المرسوم الرئاسي الجديد يعزز المخاوف من سعي الرئيس “سعيّد” إلى تركيز السلطة بيده، إذ يضع المرسوم بمختلف فصوله الرئيس مرجعًا أساسيًا في اتخاذ القرارات الخاصة بمجلس القضاء، كالتعيين والإعفاء.

كما يُلغي المرسوم على نحو غير مشروع بعض الحقوق الدستورية والنقابية للقضاة، إذ يحظر في الفصل التاسع من الباب الأول على القضاة الدخول في مختلف أصناف الإضرابات أو الأعمال الجماعية المعارضة التي من شأنها تعطيل العمل بالهيئات القضائية.

وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي “يوسف سالم” إنّ قرار الرئيس التونسي “قيس سعيد” استحداث مجلس أعلى مؤقت بصلاحيات جزئية وحل مجلس القضاء الحالي نتيجة مباشرة لتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات، والتي رسّخها الرئيس “سعيّد” في الأمر رقم 117/2021 الصادر في سبتمبر/ أيلول 2021، الذي مهّد لشرعنة تعطيل مؤسسات الدولة وفرض الوصاية الرئاسية عليها.

وأضاف أنّه على الرغم من أنّ التدابير الاستثنائية تتحلى بالصفة المؤقتة ويتم اللجوء إليها لدفع الأخطار الداهمة، إلا أنّ الرئيس سعيد يسعى لتوجيه تلك التدابير الممتدة منذ شهور لتركيز السلطة بيده، وإقصاء الخصوم السياسيين في ظل تعطيل أحكام الدستور وإحلال الإجراءات الاستثنائية الرئاسية مكانها، ومحاولة إكسابها ذات الدرجة من القوة القانونية.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ المرسوم الرئاسي يتعارض مع المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية، والتي أقرّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1985، وتنص على أن “تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية (..) ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية”.

ودعا المرصد الأورومتوسطي الرئيس التونسي “قيد سعيّد” إلى وقف العمل بالمرسوم الرئاسي عدد 11/2022، واحترام استقلالية السلطة القضائية، والالتزام بنصوص الدستور التونسي 2014 التي توجب العمل بمبدأ الفصل بين السلطات.

وحث المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على إدانة الإجراءات غير القانونية التي يتخذّها الرئيس “سعيّد”، ويحاول من خلالها الهيمنة على جميع السلطات والسيطرة المنفردة على مؤسسات الدولة، والضغط عليه لوقف التجاوزات الدستورية الخطيرة التي من شأنها إهدار المكتسبات الديمقراطية، وتقييد وإلغاء الحقوق الدستورية للأفراد والكيانات الحزبية والنقابية والمجتمعية في تونس.

nexus slot

garansi kekalahan 100