(صور حصرية) العبودية تاريخ فرنسي.. آن لقصة نانت مع تجارة الرقيق أن تُروى

مجلة لوبس (L’Obs) الفرنسية / صور اليوم أنفو – تونس

رسم يظهر عقاب الرقيق بجزر الهند الغربية الفرنسية في الحد الشرقي للبحر الكاريبي (شترستوك)

رسم يظهر عقاب الرقيق بجزر الهند الغربية الفرنسية في الحد الشرقي للبحر الكاريبي (شترستوك)

Aucune description disponible.

(الصورة جزيرة قوريا في السنغال يتم فيها تجميع العبيد من الدول الافريقية و ارسالهم الى امريكا و و امريكا الجنوبية)

Aucune description disponible.

(من هذه الفتحة التي تطل على البحر و بغرق رهيب يخرج العبيد الى الزوارق )

Aucune description disponible.

( في غرف لا تتجاوز مساحتها 5 امتار يتكدس العبيد باعداد مهينة قبل فرزهم )

بين منتصف القرن الـ17 ومنتصف القرن الـ19، أرسلت مدينة نانت الفرنسية ما يقرب من 1800 بعثة جلبت سفنا مليئة بالأسرى، ووفرت مجموعة من السفن ثروة ضخمة لعائلاتها الكبرى، حتى إن ميناءها كان يعج بنحو 550 ألفا من العبيد، واليوم تحاول هذه المدينة مواجهة هذا الماضي المدفون.

وفي مقال بقلم ناتالي فونيس، قالت مجلة لوبس (L’Obs) الفرنسية إن مدينة نانت لديها سجل سيئ السمعة في تجارة الرقيق، حيث كانت أول ميناء للعبيد بفرنسا والرابع في أوروبا بعد ليفربول ولندن وبريستول، وقد قادت -خلال قرني تجارة الرقيق- 42% من إجمالي البعثات الفرنسية.

وكانت فرقاطات وطرادات نانت -التي تحمل ​​30 بحارا في المتوسط وتتسع لنقل 300 أسير أفريقي- تبحر من المدينة مثقلة أيضا بالأسلحة والكحول والتوابل وأنواع القطن المطبوع المستوردة من الهند، وغيرها من المواد، وتتوقف عند المراكز التجارية الأفريقية، قبل أن تعود إلى الأميركتين، وخاصة إلى سانتو دومنغو (أكبر مدن جمهورية الدومينيكان)، لبيع “بضائعها من البشر”، ثم تؤوب إلى نانت محملة بالقهوة والكاكاو والسكر؛ وهي مواد تعد “نفط” ذلك الزمن المغموس في عرق ودماء العبيد.

قرن من الازدهار

وهكذا نقلت نانت في سفنها 550 ألف أفريقي عبر المحيط الأطلسي، دون أن يثير ذلك أحدا في عصر التنوير، بل إن الباحث لويس دي جاوكور -تلميذ الفيلسوف والكاتب الفرنسي دنیس ديدرو (1713 – 1784)- كتب عام 1765 أن “جامعة نانت تأسست سنة 1460، لكن كلية التجارة هي التي تتألق”، لأنهم في كل عام يرسلون عدة سفن لتجارة الرقيق في المستعمرات الفرنسية.

منظر من القرن الـ18 لميناء نانت الفرنسي بواسطة الرسام والمهندس الفرنسي نيكولا أوزان (ويكيبيديا)

وفي بداية القرن الـ18، كانت مدينة نانت لا تزال مدينة من العصور الوسطى، وفي أقل من 100 عام تضاعف عدد سكانها من 40 ألفا إلى 80 ألف نسمة، جاؤوا من مصب نهر لوار ومن جميع أنحاء أوروبا للاستقرار هناك، من بينهم البحارة الذين يبحثون عن عمل والتجار الذين يريدون نصيبهم من الكعكة، إذ كان اقتصاد العبيد يفيد الجميع، فالأرصفة تعج بالنشاط وورش الإصلاح والتعدين وبيع الأسماك والكَتبة التجاريين وأصحاب النزل والبغايا وصانعي النسيج وبناة السفن.

تقول كريستيل غوالدي -المديرة العلمية لمتحف تاريخ نانت- إن “تجارة الرقيق في نانت قصة محلية، ولكنها أيضا قصة عالمية، فهي أكبر عملية تجارية في العالم، كما أن التجارة الثلاثية هي بالواقع رباعية الزوايا، إذ يتعلق الأمر بـ4 قارات، إضافة إلى الهند مكان الاستيراد من آسيا”.

وفي هذا السياق التاريخي، كتب مستشار الملك وعمدة مدينة نانت جيرارد ميلييه نصا يدافع فيه عن التجارة الثلاثية (بين أوروبا وأفريقيا والأميركتين) ومصالح مالكي السفن، وكان هذا النص بمثابة الأساس لمرسوم الملك بشأن عبيد مستعمرات عام 1716، مما خلق وضعا استثنائيا مرتبطا بلون البشرة.

سفينة رقيق

استقر جاك بارتيليمي غرويل -وهو ابن مزارع من سانتو دومنغو في نانت بأوائل ستينيات القرن الـ18، وعاش مع زوجته وأطفالهما الثلاثة في بيت مؤثث بالمفروشات “الهندية” وآنيته من الخزف المذهب، وقد دفع سفينته “غرويل” -التي اشتراها عام 1769 وهي الثالثة من أسطوله- لتجهز كسفينة للرقيق، ودفع ثمن المقايضة وإعادة الشحن والطعام والتأمين وراتب شهرين مقدما للطاقم، بكلفة تعادل قصرا باريسيا، بنحو ما بين 200 ألف و300 ألف جنيه إسترليني.

وأقلعت السفينة المحملة بأقطان من البنغال وأقطان “هندية” مصنوعة في مصانع نانت وبنادق من شارلفيل وأواني فخارية من نيفيرس ولاروشيل، وبراندي من بوردو، مع إمدادات من الماء والغذاء والدواجن والخنازير والأغنام الحية وسمك القد، إضافة إلى البسكويت للطاقم، وفاصوليا ريف نانت للعبيد.

وقد اتجه هذا السوق العائم إلى الساحل الأنغولي في مطلع مايو/أيار 1769 مدفوعا برياح شرقية قوية -كما كتب برتران جيليت، مدير متحف تاريخ نانت- لتصل بعد 112 يوما، حيث يمكن شراء “الأسير الجيد” المسمى “عملة الهند” بما بين 30 و40 قطعة نقدية، فحملت من هناك 312 أفريقيا، بينهم 58 طفلا، حيث تبقى النساء والأطفال في الخلف والرجال في المقدمة مربوطين اثنين اثنين، غارقين في البراز والقيء ودوار البحر والخوف والأمراض، من تيفوس وإسقربوط ودوسنتاريا.

تصل الرحلة بنجاح إلى سانتو دومنغو وقد مات 9 أسرى “فقط”، في معدل أقل من متوسط ​​ الوفيات البالغ 13%، لتعود السفينة إلى نانت بعد 14 شهرا، وقد تم بيع العبيد للمزارعين والمسؤولين، وهي مليئة بالسكر والقهوة، بربح صاف يقدر بنحو 200 ألف جنيه.

بلغت ثروة غرويل مليوني جنيه إسترليني، وخلال 12 عاما من تجارة الرقيق، نَقل أكثر من 4 آلاف أفريقي، وكان مسؤولا عن وفاة 506 منهم، ولكنه -كما كتب برتراند جيليت- لم يوسم بالقسوة التي تجعل منه تاجر عبيد كبير، ولم يصل إلى مستوى عائلة مونتودين التي كانت الأولى على رأس ثروة المدينة، وأحد مخترعي تجارة الرقيق في نانت، وكانت تتغنى بفولتير كقريب لها وتقرض المال للويس الخامس عشر ملك فرنسا في القرن الـ18، بحسب الصحيفة الفرنسية.

وقد ظل ماضي تجارة الرقيق في نانت مدفونا لفترة طويلة، إلى أن نظم الأكاديميون مؤتمرا دوليا حول الاتجار عام 1985، بمناسبة الذكرى السنوية لمرور 300 سنة على “قانون السود”، ولكن مجلس المدينة رفض تمويل الاحتفال ومشروع إقامة معرض، ولم يتسن ذلك حتى عام 1992، عندما نظم معرض “حلقات الذاكرة” بدعم من العمدة الجديد جان مارك أيرولت الذي أعاد بناء حواجز سفينة رقيق وزاره نحو 200 ألف زائر، من بينهم نيكيفور سوغلو، رئيس جهورية بنين في زيارة رسمية.

مكان يدعو للتأمل

تم تثبيت المشروع التذكاري عام 2012 في ميناء المدينة، ولكنه لم يخصص للعبودية وسجلها القاتم كما كان يأمل الكثيرون، بل كان المشروع يحتفي بإلغائها، وهو يشمل لوحات تحمل أسماء سفن الرقيق في نانت وكلمة “الحرية” مكتوبة بـ40 لغة، واقتباسات من دعاة إلغاء الرق كالأب غريغوار وفيكتور شولشر، أو بقلم كاتب مارتينيك (جزيرة بالبحر الكاريبي) إيمي سيزير، وهو -كما يقول رئيس مؤسسة ذاكرة العبودية جان مارك أيرولت- “مكان يدعو للتأمل وكأنك في قارب يبحر”.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، وفي أيام التراث الأوروبي، تولى المهندس المتقاعد بيير جيلون دي برينسي (81 عاما) -المنحدر من تجار الرقيق- الاهتمام بالزيارات، وكتب كتيبا عن النصب التذكاري وتاريخ تجارة الرقيق في نانت وأسلافه من مالكي السفن، وعندما أعطاه لأحفاده الثمانية، قال أحدهم “إنه عار”. ورفض أفراد الأسرة الآخرون أخذه.

وكان “سلفه السابع” دانيال جان جيلون قد غادر إلى سانتو دومنغو في سن الـ14 كخباز رئيسي، فاشترى حقول قصب السكر وبيوت محترقة وقارب “فيرموديان” الذي حطم الأرقام القياسية لطول مزاولته التجارة الثلاثية، واليوم يصر بيير جيلون دي برينسي على أن هذه “القصة يجب أن تُروى”، وهكذا جعل نفسه مرشدا هاويا في التقلبات والمنعطفات بتاريخ العبيد في نانت.

وقد اجتذب النصب التذكاري بالفعل 1.5 مليون زائر، ولكنه لا يزال يتأرجح بين من يصرّ على أن “هذا ليس نصبا تذكاريا لتكريم ضحايا الاتجار بالعبيد، وبين من يراه مخصصا لدعاة إلغاء عقوبة الإعدام. وقد استمر النقاش لأكثر من عقد من الزمان، ولا يزال هناك من يرى أنه ليس من الضروري الإساءة إلى عائلات الأحفاد ولا المبالغة في تقديم أخطاء نانت التي لا تُغتفر.

وبعد تقنين وقف تجارة الرقيق عام 1815 -كما يقول الكاتب- نظمت مدينة نانت 318 رحلة جديدة لتصبح عاصمة التجارة الثلاثية غير القانونية، وكان هَمّ مالكي السفن وقتها هو مقدار الفوائد التي يمكن الحصول عليها دون أي اهتمام بمصائر العبيد الذين اعتبروا مجرد سلعة يمكن أن تجلب أرباحا كبيرة في الأميركتين.

nexus slot

garansi kekalahan 100