السّودان يتوجّس من “حرب الجيشين”… نذر مواجهة قد لا تبقي ولا تذر

قال مصدر في الجيش السوداني للجزيرة إن قوات الدعم السريع أدخلت ناقلات جنود إلى العاصمة الخرطوم، في حين انتشرت قوات الجيش بكثافة في محيط مطار مروي.

وأشار المصدر إلى أن ناقلات الجنود أُحضرت من منطقة الزرق، شمال دارفور، إلى الخرطوم، مع عشرات السيارات العسكرية؛ مشيرا إلى أن الجيش لا يعلم دواعي نشر تلك العربات حتى الآن.

وأكد المصدر بالجيش السوداني أن الأمور تتصاعد وأن هناك معلومات عن إرسال قوات الدعم مزيدا من السيارات العسكرية أيضا إلى مروي.

وبث ناشطون سودانيون وشهود عيان مقاطع فيديو أظهرت تحرك رتل عسكري تابع لقوات الدعم السريع في شوارع رئيسية بالعاصمة الخرطوم، بعد ظهر اليوم الخميس.

وظهرت بمقاطع الفيديو 11 آلية عسكرية (ناقلة جند) وعربات دفع رباعي، وتوجه الرتل العسكري من غرب كوبري الفتيحاب في الخرطوم باتجاه جهة الشرق بمنطقة حي المطار.

وفي وقت مبكر من اليوم قال بيان للجيش السوداني إن قوات الدعم السريع -التي يرأسها محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان- حركت قوات في العاصمة والولايات دون إخطاره، وهو ما نفته قوات الدعم السريع.

طبيعة الخلاف بين الطرفين

وقد ظهر الخلاف بين الجيش السوداني الذي يقوده الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو، بعد تصريحات للأخير، قال فيها إنه اكتشف منذ اليوم الأول أن قرارات قائد الجيش عام 2021، التي أقصت الحكومة المدنية، نفذت لعودة نظام المؤتمر الوطني المعزول.

وعقب توقيع الاتفاق الإطاري، طالب الجيش بتنفيذ الاتفاق الذي قال إنه يقضي بدمج قوات الدعم السريع في الجيش، الذي سيحدد حركاتها؛ كما طالب بتبعيتها لوزارة المالية، وخضوعها للإجراءات الحكومية.

ومن جهتها، قالت قوات الدعم السريع إنها تتمسك بالاتفاق الإطاري، ولا تعارض الدمج، ولكن وفق جداول زمنية، مع ضمان مساواة ضباطها بضباط الجيش في الامتيازات؛ كما طالبت قوات الدعم بوقف ما سمتها عمليات التجنيد في الجيش خلال هذه الفترة.

وقد طفت كذلك تسريبات عن خلافات بين الجهتين بشأن أحقية القيادة والتحكم خلال عملية الدمج وما بعدها.

ردود الفعل.. دعوات لتغليب صوت العقل

وفي ردود الأفعال، دعا تجمع المهنيين السودانيين قادة القوات المسلحة والدعم السريع والشرطة والمخابرات العامة إلى تغليب صوت العقل.

ومن جهته، قال رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر إن المشاركين في الاجتماعات التي شهدها الحزب اليوم وسيشهدها غدا ستُجري اتصالات بقيادتي الجيش والدعم السريع لحثهما على حل خلافاتهما سلميا.

وأعلن قيادي بتحالف الحرية والتغيير- المجلس المركزي في حديث مع الجزيرة عن اجتماع طارئ للتحالف اليوم لبحث أزمة الجيش وقوات الدعم السريع.

كما أعلنت قيادات حركات سودانية مسلحة، الخميس، بذل مساع بين الجيش والدعم السريع لإنهاء التوتر ونزع فتيل الأزمة الأمنية.

جاء ذلك في بيان مشترك لرئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، ورئيس الحركة الشعبية- شمال، مالك عقار.

وقالت تلك الحركات إنها وجدت تجاوبا من الجانبين، وحثتهما على التحلي بالروح الوطنية وتقديم كل تنازل يحقن الدماء ويعين على تحقيق الوفاق الوطني الشامل.

وفجر الخميس، اتهم الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، قوات الدعم السريع بالتحشيد والانتشار والتحرك داخل العاصمة الخرطوم وعدد من المدن دون موافقة قيادة الجيش.

وقال الجيش السوداني، في بيان، إن تحركات قوات الدعم السريع داخل العاصمة والولايات مخالفة لمهام ونظام عملها، محذرا من أن البلاد تمر بما وصفه بالمنعطف الخطير، وأن التحرك سيؤدي إلى مزيد من التوترات التي تقود إلى انفراط عقد الأمن في البلاد.

وأضاف “نجدد تمسكنا بما تم التوافق عليه في دعم الانتقال السياسي، ونحذر القوى السياسية من المزايدة بموقف القوات المسلحة”، وفق تعبيره.

وكان مصدر عسكري قال في وقت سابق إن قوات الدعم حركت قوات ضخمة في مدينة مروي شمالي البلاد دون إخطار الجيش، وإنه تم استدعاء قوات من مناطق أخرى لمواجهة الموقف.

وقال المصدر إن القوات المسلحة طالبت قوات الدعم السريع بالانسحاب من منطقة تمركزها الجديدة في مروي في غضون 24 ساعة، وإن لم تفعل فسيتم إجبارها على ذلك.

وقد أظهرت لقطات وصول تعزيزات من قوات الجيش السوداني مساء أمس الأربعاء إلى مروي.

انتشار قرب مطار مروي

وكان مصدر مطلع في حكومة الولاية الشمالية بالسودان قد قال إن حكومة الولاية فوجئت بانتشار نحو 100 سيارة نقل عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع بالقرب من مطار مروي دون أي تنسيق مسبق مع سلطات الولاية.

في المقابل، قال مكتب الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع إن بعض وسائل التواصل الاجتماعي تناقلت ما سماها مزاعم بأن قوات الدعم السريع قامت بأعمال حربية باتجاه مطار مروي.

وأوضح المكتب -في بيان- أن قوات الدعم السريع “قوات قومية تعمل في إطار القانون بتنسيق وتناغم تام مع قيادة القوات المسلحة وبقية القوات النظامية الأخرى”.

وأضاف أن وجودها في الولاية الشمالية وبمدينة مروي يأتي ضمن وجودها في بقية الولايات، في إطار تأدية مهامها وواجباتها التي تمتد حتى الصحراء.

ودعت قوات الدعم السريع جميع المواطنين ووسائل الإعلام إلى عدم الانسياق وراء ما وصفتها بالمعلومات الكاذبة التي تهدف إلى إشاعة الفتنة وتقويض أمن واستقرار الوطن، حسب البيان.

وتقع مدينة مروي في الولاية الشمالية وتبعد عن العاصمة الخرطوم 360 كيلومترا شمالا، وتضم مطار مروي الدولي الذي يعد من أكبر المطارات في البلاد ويستخدم قاعدة عسكرية أيضا.

كما تستضيف المدينة الفرقة الـ19 التابعة للجيش السوداني المعنية بحماية المرافق الإستراتيجية في المنطقة التي تضم أيضا سد مروي الذي يبعد عن المدينة 40 كيلومترا ويغطي نصف حاجة البلاد من الكهرباء.

والدعم السريع قوة مقاتلة يقودها نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وأُسست في 2013 لمحاربة متمردي إقليم دارفور (غرب)، ثم لحماية الحدود وحفظ النظام لاحقا، وهي تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، ولا يوجد تقدير رسمي لعددها، لكنها تتجاوز عشرات الآلاف.

وأعلنت أطراف العملية السياسية بالسودان، في 5 أبريل/نيسان الجاري، إرجاء توقيع الاتفاق النهائي بين الفرقاء إلى أجل غير مسمى، بسبب استمرار المباحثات بين الأطراف العسكرية.

وهذا هو التأجيل الثاني لتوقيع الاتفاق الذي كان مقررا في 6 أبريل/نيسان الجاري، بعد أن كان مقررا في وقت سابق مطلع الشهر نفسه؛ وذلك بسبب خلافات بين الجيش والدعم السريع.

المصدر : الجزيرة + الأناضول

nexus slot

garansi kekalahan 100