النص التأسيسي للهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية

نشر  الاستاذ الجامعي و دكتور العلوم السياسية شاكر الحوكي و هو  احد اعضاء الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات و الديمقراطية التي شهدت النور اليوم الثلاثاء 17 ماي 2022 النص التأسيسي للهيئة .
 و جاء فيه ما يلي :
بعد أكثر من عقد على الثورة انتعشت فيه الحقوق والحريات وعرفت بلادنا انتخابات دورية تشريعية ورئاسية حظيت بإجماع الشعب التونسي وباعتراف المجتمع الدولي، وبعد أن شهد نشاط المجتمع المدني خلاله نقلة نوعية في شتى المجالات، وأقر العالم بأهمية التجربة الديمقراطية التونسية الناشئة -رغم الإخلالات والنقائص- في سياق إقليمي طغت عليه الحروب الأهلية والاستبداد والتسلط، بعد كل ذلك بدأت تتراكم السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة، ما قاد البلاد إلى أزمة متعددة الأبعاد، استغلها الرئيس قيس سعيد لضرب أبرز المكاسب التي تحقّقت بعد الثورة: فانقلب على الدستور وعلى الانتقال الديمقراطي ليلة 25 جويلية 2021. وبدل أن يدفع نحو إصلاح المسار عبر حوار وطني شامل، قرّر تجميد مجلس نواب الشعب قبل أن يحلّه بعد ذلك، ثم ألغى دستور 2014 فعليا، وعطّل المؤسسات التي انبثقت عنه، وأصدر الأمر 117 بتاريخ 22 سبتمبر 2021 الذي احتكر بمقتضاه جميع السلطات، وحلَّ الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين تحصينا لمراسيمه من أي طعن قضائي. كما حلّ المجلس الأعلى للقضاء المنتخب، واستبدله بمجلس معيّن، مخالفا بذلك المعايير الدولية الخاصة باستقلالية القضاء، وبقواعد المحاكمة العادلة، وعمد إلى تهميش الأحزاب السياسية والنيل من حرية الجمعيات والحدّ من استقلاليتها الإدارية والمالية، وهو الهدف من مشروع المرسوم الخاص بمراجعة قانون الجمعيات بعيدا عن تشريك المجتمع المدني.
ضمن هذا السياق، شهدت الحقوق والحريات تراجعا خطيرا على أكثر من صعيد، فتمّ وضع العديد من الشخصيات العامة قيد الإقامة الجبرية، ووقع المس بحق السفر قبل الحصول على إذن قضائي، وصدرت بطاقات جلب في حقّ عدد من التونسيين، كان من أبرزهم الرئيس السابق المنصف المرزوقي، على خلفيّة موقفه المناهض للانقلاب. كما أحيل عدد كبير من النشطاء السياسيين والمحامين على القضاء العسكري على نحو غير مسبوق وأودِع العديد من النواب السجن بتهم سياسية، وعطّل عودتهم إلى وظائفهم السابقة دون موجب شرعي. كما تعرض المدونون والصحفيون إلى تضييقيات شتّى، ما دفعهم إلى شنّ إضراب وإصدار بيانات للتنديد بالتراجع الحاصل على صعيد الحريات.
وحيث عبّرت أطراف من المجتمع المدني وحقوقيون وجامعيون وأحزاب ديمقراطية، عن تمسكهم بالديمقراطية التمثيلية والحريات الأساسية، وعن تخوفهم من أن تنزلق البلاد نحو التسلط والدكتاتورية من جديد، ونظرا إلى حجم المخاوف من تعمق العزلة الدولية لبلادنا واستفحال الأزمة المالية والاقتصادية غير المسبوقة، فقد تنادى ثلة من الشخصيات الوطنية والحقوقية من أجل تشكيل لجنة وطنية للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في تونس، أطلق عليها “الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية”، وذلك بهدف:
• رصد انتهاكات حقوق الإنسان وتوثيقها.
• الدفاع عن جميع ضحايا انتهاك الحقوق والحريات لأسباب سياسية.
• مساندة القضاة ودعم نضالهم من أجل استقلالية القضاء.
• المساهمة في العمل على استئناف المسار الديمقراطي والسير الطبيعي لمؤسسات الدولة.
وتتشكّل هذه الهيئة من الشخصيات التالية: العياشي الهمامي رئيسا، وصلاح الدين الجورشي وعلا بن نجمة ورشيد خشانة وزياد الهاني وشاكر الحوكي أعضاء.
وإذ نؤسس عملنا في إطار هذه الهيئة على مقتضيات دستور 2014 وطبقا لما تمليه الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس وانخرطت فيها منذ الستينيات، وفي مقدّمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ولاسيما ما ورد في مادّته الثانية التي تُلزم الدولة التونسية باحترام الحقوق للجميع على قدم المساواة ودون أي تمييز، و ما ورد في المادّة 14 منه من تأكيد على ضمان حقّ الجميع في التقاضي ضمن محاكمة عادلة، فإننا نؤكد بأن التذرع بالمسألة السيادية لا يعفي الدولة من التزاماتها باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي ناضلت من أجلها أجيال من التونسيين وصولا إلى ثورة الحرية والكرامة.
رئيس الهيئة التأسيسية
العياشي الهمامي

nexus slot

garansi kekalahan 100