تعاون استراتيجي وصفقات عسكرية.. هل تعاقب أمريكا مصر على تقاربها مع روسيا؟

تزامناً مع عودة وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري محمد زكي، الأربعاء، من موسكو بعد زيارة استغرقت عدة أيام وانتهت بتوقيع “بروتوكول تعاون عسكري وأمني”. يعود إلى الواجهة الحديث عن احتمالية معاقبة أمريكا لمصر إثر تقاربها العسكري والاستراتيجي مع روسيا.

عاد وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري الفريق أول محمد زكي برفقة وفد عسكري رفيع المستوى، الأربعاء، من روسيا بعد زيارة استغرقت عدة أيام لحضور الاجتماع السابع للجنة العسكرية المشتركة في موسكو.

وأعلن الجيش المصري توقيع وزير الدفاع محمد زكي، مع نظيره الروسي سيرغي ‏شويغو، “بروتوكول تعاون عسكري وأمني”.

وكانت الولايات المتحدة قد أعربت في عدة محافل عن قلقها البالغ حيال التقارب العسكري المصري-الروسي، فيما هدد وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان بعقوبات على القاهرة حال استمرارها في التعاون العسكري مع موسكو، وذلك بموجب قانون “كاتسا” لمكافحة خصوم الولايات المتحدة.

صفقات عسكرية وتقارب استراتيجي

يربط القاهرة وموسكو تاريخ طويل للتعاون الاستراتيجي والعسكري منذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

ولا يُنسى دور الاتحاد السوفييتي في تمكين مصر من تشييد السد العالي في أسوان بعد أن أعرض البنك الدولي عن تقديم قروض لمساعدة القاهرة في تشييدها مشروعها القومي الضخم، ويأتي هذا إضافة إلى دعم سوفييتي لتشييد مصر مصنع الحديد والصلب في حلوان، ومجمع الألومنيوم في نجع حمادي، ومعمل تكرير النفط في السويس.

ومع تولّي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة في البلاد صيف 2014، تنامت العلاقات المصرية-الروسية وسط تقارب ملحوظ في المواقف حيال ملفات المنطقة وخصوصاً الموقف من نظام الأسد.

#المتحدث_العسكرى : جانب من إنعقاد الجلسة العامة الختامية للإجتماع السابع للجنة العسكرية المصرية / الروسية ‏المشتركة…

Posted by ‎الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة‎ on Wednesday, August 25, 2021

وبجانب التعاون العسكري، شهدت الأعوام الأخيرة تطوراً نوعياً في التقارب المصري-الروسي، حيث دعمت موسكو القاهرة لتدشين محطة الضبعة النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، والذي يصنّفه خبراء كثاني أضخم مشروع لتوليد الطاقة في تاريخ البلاد، بكلفة تناهز 30 مليار دولار.

وفي عام 2019 وقعَّت مصر اتفاقية عسكرية مع روسيا تصل قيمتها إلى نحو ملياري دولار، تشتري بموجبها القاهرة 20 طائرة مقاتلة روسية من طراز سوخوي-35.

وتُعد صفقة مقاتلات سوخوي-35 حلقة في سلسلة تعاون عسكري بين البلدين، يأتي من بينها تنظيم تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة، علاوة على حصول القاهرة على أنظمة دفاع روسية من طراز S-300 وما يزيد على 50 طائرة ميغ-29 الروسية.

غضب أمريكي بذريعة قانون “كاتسا”

أثار التعاون المصري-الروسي المتزايد حفيظة وغضب الولايات المتحدة، حيث لوَّح مسؤولون أمريكيون باحتمال فرض عقوبات على مصر في حالة الإصرار على إتمام صفقة شراء الطائرات الروسية.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد نشرت تقريراً في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، أفاد بأن الإدارة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على مصر، مشيرة إلى أن البيت الأبيض دعا القاهرة إلى إلغاء صفقة التعاون العسكري مع موسكو.

ومن جانبه، كان مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية والعسكرية آنذاك، كلارك كوبر، قد صرّح بأن الولايات المتحدة قد تفرض عقوبات على مصر وتحرمها من مبيعات عسكرية في المستقبل “إذا أقدمت على شراء طائرات حربية روسية”.

وتقدم الولايات المتحدة على فرض عقوبات مماثلة بموجب قانون “كاتسا”، الذي ينص على مكافحة خصوم الولايات المتحدة العسكريين وهم روسيا وإيران وكوريا الشمالية، وذلك من خلال فرض عقوبات عليهم وعلى من يتعاون معهم عسكرياً.

غير أن مصر مضت في تلك الصفقة وتسلّمت بالفعل في اوت 2020 الدفعة الأولى من مقاتلات سوخوي-35، وعددها خمس طائرات، بحسب موقع المونيتور.

تصعيد جديد

أفاد المتحدث باسم الجيش المصري، العقيد غريب عبد الحافظ، في بيان، أن وزير الدفاع المصري محمد زكي عقد خلال زيارته الأسبوع الجاري إلى موسكو، مع نظيره الروسي سيرغي ‏شويغو، “جلسة مباحثات تناولت آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية”.

وتابع البيان: “تمت خلال الجلسة مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في ضوء مجالات التعاون العسكري ونقل وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا البلدين”، مفيداً بأن الوزيرين وقّعا “بروتوكول تعاون عسكري وأمني”.

وأفادت جريدة “العربي الجديد“، على لسان ما أسمته “مصادر مطلعة”، أن المباحثات الأخيرة “تناولت بشكل رئيسي اتفاق الجانبين على المضي قدماً في صفقة المقاتلات الروسية سوخوي-35”.

وأضافت المصادر أن المباحثات تضمّنت الاتفاق حول “الإسراع بوصول 12 طائرة خلال العام 2022، ثم بحث وصول 12 أخرى خلال 2023، ليكون الإجمالي 24 طائرة، بالإضافة إلى الخمس المسلمة قبل ذلك”، وأردفت أن الوفد المصري طلب “إمداد الدفعة الجديدة، التي يتم تجهيزها حالياً، ببعض البرامج الإضافية الخاصة بقدرات الحرب الإلكترونية”.

وفي ما يخص ردة فعل واشنطن جرّاء استمرار الاتفاقية العسكرية، أكدت المصادر المتحدثة للجريدة، أن من ضمن أسباب تأخير موعد تسليم الطائرات الجديدة هو تخوُّف القاهرة من تصاعد الأزمة مع واشنطن، في وقت لم تستقر فيه العلاقات بعد بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع الأخذ في الاعتبار “أن تحسُّن الأجواء حالياً ما زال هشاً وعرضة للانهيار، سواء بسبب سوء أوضاع حقوق الإنسان، أو إذا فشلت مصر في المهمة الموكلة إليها لتهدئة الأوضاع في فلسطين”، على حد تعبير المصدر.

ويؤكّد مسؤولون مصريون أن بلادهم تتبع سياسة “تنويع مصادر السلاح” من أجل تلبية احتياجاتها الأمنية، علاوة على تمسكها بحقها الأصيل في “اختيار الأسلحة وفقاً لما يتناسب مع أجندتها الخاصة”.

وكان كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري حينئذ، قد صرّح وقت اندلاع أزمة العقوبات الأمريكية في نوفمبر عام 2019 أن القاهرة: “تعتز بدورها الإقليمي والعالمي، وتتعامل مع جميع دول العالم في إطار العلاقات المتوازنة وفي إطار الندية وليس التبعية، وأيضاً في إطار المصالح المشتركة”.

فيما يرى خبراء عسكريون أن طائرات سوخوي-35 الروسية تُعد البديل الأفضل لطائرات إف-35، التي تقصر الولايات المتحدة بيعها على إسرائيل، وترفض بشكل قاطع امتلاك دول أخرى لها في منطقة الشرق الأوسط.

ومثّلت صفقات التسليح العسكري خلال السنوات الأخيرة ركيزة أساسية في العلاقات المصرية-الروسية، حيث باتت موسكو أحد أهم مصادر التسليح المصري، بجانب الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا.

TRT عربي

nexus slot

garansi kekalahan 100