تعززها الثقة المتبادلة والتشاور الدائم بين الدوحة وواشنطن.. قطر والولايات المتحدة.. 50 عامًا من الشراكة الاستراتيجية

قمة صاحب السمو والرئيس بايدن عززت التعاون في شتى المجالات

قطر تحظى بمكانة خاصة بتصنيفها حليفًا لأمريكا من خارج الناتو

تقدير أمريكي للدعم القطري لإجلاء الأمريكيين من أفغانستان

ثقة أمريكية في وساطة قطر بالملفات الحاسمة لإرساء الاستقرار

«القطرية» المشغل العالمي الأول لطائرة الشحن الجوي الأمريكية بوينج 777-8

تشاور وتنسيق مشترك لدعم الجهود الدولية الرامية لحل الأزمات

يخلد بعد غد السبت، مرور 50 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية في 19 مارس عام 1973 والانتقال من التعاون بين الدوحة وواشنطن إلى شراكة استراتيجية مميزة بالديناميكية والفاعلية في مختلف المجالات.

وترصدُ الراية تطور العلاقات القطرية الأمريكية حتى أصبحت تتصفُ بالتميز والخصوصية بانتقالها من علاقات التعاون المشترك إلى الشراكة الاستراتيجية الراسخة في كافة القطاعات السياسية والاقتصادية والأمن والدفاع والطاقة والتجارة والاستثمار والتعليم والثقافة وغيرها من القطاعات الحيوية لشعبي البلدين ولحفظ الأمن والسلم الدوليين.

علاقات ديناميكية

تتميزُ العلاقات القطرية الأمريكية بالديناميكية والإيجابية والنمو الدائم، فبعد تأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال القمة التي جمعته مع حضرة صاحب السمو أمير البلاد المُفدى في البيت الأبيض نهاية يناير الماضي أنه سيعمل قريبًا على تصنيف قطر كحليف رئيسي من خارج الناتو للولايات المتحدة، ومنحها مكانة خاصة كصديق رئيسي وشريك موثوق به وقادر، وجه الرئيس بايدن منذ أيام قليلة مذكرة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، تتضمنُ تصنيفه دولة قطر حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو). وأكد هذا التصنيف على أهمية الشراكة الدفاعية القويّة بين البلدين وترسيخ الشراكة الاستراتيجية بينهما لتحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة. كما تمهدُ هذه الخُطوة الطريق لمزيد من التعاون الأمني والاستثماري مع امتيازات عسكرية واقتصادية لدولة قطر.

شراكة استراتيجية

وتأتي الذكرى الخمسون للعلاقات القطرية الأمريكية فيما أصبحت أقوى من أي وقت مضى بعد تتويجها لمسيرة طويلة من التعاون بالتوقيع على الحوار الاستراتيجي القطري- الأمريكي المميز بانتظام انعقاده سنويًا منذ انطلاقته في يناير ٢٠١٨. وتؤكد دورية انعقاد الحوار على التزام قطري أمريكي راسخ بتعزيز التعاون والحرص على متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وبحث ما تحقق من إنجازات والبناء عليها، فضلًا عن التنسيق والتشاور حول التحديات الإقليمية والعالمية، والأمن، وإنفاذ القانون، ومكافحة الإرهاب، والمصالح التجارية والاستثمارية المشتركة، والتعاون على الصعيدين التعليمي والثقافي.

تشاور دائم

وبالتزامن مع مرور ٥٠ عامًا من العلاقات القطرية الأمريكية، يبرز صاحب السمو كأول زعيم خليجي يستقبله البيت الأبيض في إدارة الرئيس جو بايدن فيما عزز اللقاء من الثقة المتبادلة والتشاور والتنسيق الدائم بين زعيمي البلدين بشأن مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك بهدف دعم الجهود الدولية الرامية لحل الأزمات وإرساء الاستقرار وأبرزها تشاور الزعيمين حول تعزيز الأمن والازدهار في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط وضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية ودعم الشعب الأفغاني فضلًا عن تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين الدوحة وواشنطن وأيضًا تأمين بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022.

آفاق واعدة

وتبرز الذكرى الخمسون لإقامة العلاقات بين الدوحة وواشنطن فيما تنتظرها آفاق واعدة لتعزيز التعاون في قطاعات الأمن والدفاع والطاقة والتجارة والمساعدات الإنسانيّة والطيران. وأعلنت الخطوط الجوية القطرية، عن إبرام اتفاقية مع شركة بوينج، لشراء ما يصل إلى 50 طائرة من طائرات الشحن الجديدة لتصبح المشغل العالمي الأول لطائرة الشحن الجوي 777-8 مع طلب مؤكد لشراء 34 طائرة وطلب اختياري لشراء 16 طائرة أخرى، بقيمة إجمالية تصل إلى أكثر من 20 مليار دولار أمريكي لتصبح العليا قيمةً في تاريخ شركة بوينج. وأكدت القطرية أن الاتفاقية ستساهم في توفير أكثر من 35 ألف وظيفة في الولايات المتحدة، وستضخ 2.6 مليار دولار أمريكي سنويًا في الاقتصاد الأمريكي طوال فترة تسليم الطائرات فيما تعزز من كفاءة وتحديث الأسطول القطري ليحافظ على ريادته في أسواق الطيران العالمية.

حليف استراتيجي

تثمنُ الولايات المتحدة الأمريكية عاليًا دور دولة قطر كحليف استراتيجي موثوق يعتمد عليه في اللحظات الحاسمة ويبرز اعتماد الإدارات الأمريكية المتعاقبة خلال العقد الأخير على دور الوساطة الذي لعبته دولة قطر في ملفات ساخنة مثلما حدث في مساعدة قطر لأمريكا في التوصل لاتفاق بخصوص الأزمة الأفغانية، وأيضًا إجلاء قطر للأمريكيين من أفغانستان ومساعدة البعثة الأمريكية في كابول. وأثبتت التطورات نجاعةَ الرؤية القطرية الأمريكية المشتركة بالحفاظ على علاقات قوية وديناميكية وفعالة قادرة على احتواء الأزمات وتطويع التحديات وقت الحاجة. وتجسدت قوة الشراكة القطرية الأمريكية في تعاون البلدين في إجلاء الآلاف من الرعايا الأجانب والأفغان الراغبين في مغادرة أفغانستان عقب وصول طالبان للحكم منتصف أغسطس الماضي. ولعبت قطر دورًا محوريًا في التخفيف من توترات الأحداث المتسارعة حينها بمد جسور جوية لإجلاء الآلاف عبر الدوحة على متن الخطوط الجوية القطرية فضلًا عن تنسيق الجهود لتوفير الممرات الآمنة وإيصال المساعدات الإنسانية الملحة لأبناء الشعب الأفغاني وهو الأمر الذي تقدره واشنطن عاليًا وسائر الدول الصديقة حول العالم. وكذلك تقديم المساعدة لقطاع غزة المُحاصَر وإبقاء الضغط على داعش في ظل الشراكة القائمة بين البلدين لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.

أمن الطاقة

وتبرزُ دولة قطر كشريك موثوق به لتعزيز أمن الطاقة العالمي في ظل حرص مشترك بين الدوحة وواشنطن على تعزيز أمن الأسواق العالمية من إمدادات الطاقة. وتعززُ قطر مكانتها كإحدى الدول الكبرى المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم حيث سيرفع مشروع توسعة حقل الشمال طاقة قطر الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 إلى 126 مليون طن سنويًا بحلول عام ٢٠٢٦، فضلًا عن أن الغاز القطري يمتلك أعلى قدرة تنافسية في العالم، حيث إن تكلفة إنتاجه هي الأقل عالميًا. كما أن هناك حضورًا لافتًا للمؤسسات الأمريكية الرئيسية المشاركة في عمليات التطوير الاستراتيجية في القطاع الهيدروكربوني في قطر مثل شركة إكسون، وشركة شيفرون، وشركة أوكسيدنتال، وشركة كونوكو فيليبس.

قفزة نوعية

وبلغة الأرقام، شهدت العلاقات القطرية الأمريكية قفزة نوعية في السنوات القليلة الماضية من خلال رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدَين وتبادل الزيارات على أعلى المُستويات وتعزيز العلاقات العسكرية والاقتصادية والأمنية والثقافية، وبلغت قيمة الشراكة الاقتصادية القطرية الأمريكية ٢٠٠ مليار دولار. وقد بلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية المباشرة القطرية لعام 2020 في الولايات المتحدة الأمريكية 3.9 مليار دولار أمريكي، فيما بلغ حجم الاستثمار الأمريكي المباشر في قطر 14.2 مليار دولار أمريكي في العام 2019، بزيادة 0.3% مقارنة بالعام 2018. ووصلَ حجمُ التبادل التجاري إلى 8.1 مليار دولار في نفس العام مع خطط استثمارية قطرية في أمريكا بقيمة ٤٥ مليار دولار، وتبقى الولايات المتحدة أكبر مستثمر أجنبي في قطر بوجود أكثر من 120 شركة أمريكية تعمل في قطر.

تعزيز الاستثمارات

ويبرزُ التعاون الكبير بين قطر والولايات المتحدة في مجالات التجارة والاستثمار والتمويل وإنشاء مناطق التجارة الحرة. وتتيحُ قطر فرصًا واعدة للاستثمار في كافة المجالات بإجراء العديد من التغييرات الكبيرة ومنها سياسات مركز قطر للمال، وقانون الاستثمار، وقانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون العقارات، وتملك الأجانب في الشركات المدرجة، والأمن الغذائي لقطر، والتكنولوجيا المالية، والتنمية المُستدامة.

ويهدفُ جهاز قطر للاستثمار إلى زيادة حجم الاستثمارات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 45 مليار دولار أمريكي على مدى العامين المقبلين. واستثمرت قطر في عدة قطاعات في الولايات المتحدة الأمريكية مثل قطاع الاتصالات، والفحم، والنفط، والغاز، والخدمات المالية، والعقارات. وتعدُ قطر من بين أكبر موردي البضائع إلى الولايات المتحدة الأمريكية والمتمثلة بشكل أساسي في الوقود بما في ذلك الألمنيوم، والأسمدة، والمواد الكيميائية غير العضوية. ويتم دعم أكثر من 800 ألف وظيفة من خلال الاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك 1200 وظيفة في الشركات الأمريكية التي تعود غالبية ملكيتها لشركات قطرية.

قطاعات حيوية

وحققت الشراكةُ غير العادية بين قطر والولايات المتحدة نجاحات كبيرة وتوسعت علاقاتهما في قطاعات حيوية مثل التعليم والثقافة والرياضة، ففي قطاع التعليم، يعملُ البلدان على تعزيز التعاون عبر برامج مشتركة وتعمل في قطر العديد من الجامعات الأمريكية المرموقة، مثل جامعة كورنيل، وجماعة تكساس إيه آند إم، وجامعة جورجتاون، ونورثويسترن، وجامعة فيرجينيا كومنولث، وجامعة كارنيجي ميلون. فيما يتعززُ التعاون الوثيق بين البلدين في العديد من المجالات الأخرى مثل الرعاية الصحية والثقافة والرياضة وغيرها من القطاعات الحيوية، حيث نظم البلدان العام الماضي العديد من الفعاليات المبهرة والمميزة في إطار العام الثقافي القطري- الأمريكي 2021، وهو ما ساهم في دعم وتعزيز علاقات الشعبين الصديقين، فيما يتطلع البلدان إلى مزيد من التعاون مع اقتراب انطلاقة كأس العالم فيفا قطر 2022نهاية العام الجاري.

المصدر : الراية القطرية

nexus slot

garansi kekalahan 100