سري للغاية.. “لافارج” الفرنسية وفصول جديدة من تواطؤ باريس مع الإرهاب

تستمر الدعوى القضائية بحق شركة “لافارج” الفرنسية في الكشف عن حلقات جديدة من تعتيم الدولة الفرنسية على تنسيق الشركة مع جماعات إرهابية شمال شرقي سوريا، تفاجئ العالم بالكشف عن أدلة جديدة عن علم باريس بتعاون أُبرمَ بين “لافارج” وتنظيم داعش الإرهابي.

تستمر الدعوى القضائية بحق شركة “لافارج” الفرنسية في الكشف عن حلقات جديدة من تعتيم الدولة الفرنسية على تنسيق الشركة مع جماعات إرهابية، أهمها تنظيم داعش، في الشمال الشرقي السوري. فعلى مدار خمس سنوات، فوجئ العالم مرات عديدة بالكشف عن ملابسات وأدلة تثبت علم باريس بالتعاون الذي أُبرمَ بين شركة “لافارج” الفرنسية وتنظيم داعش الإرهابي.

كشفت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية الثلاثاء، عن مذكرة سرية صادرة في أغسطس/آب 2014 عن الاستخبارات الفرنسية تفيد بأن الحكومة الفرنسية كانت على علم بالاتفاق بين شركة “لافارج” للأسمنت وتنظيم داعش الإرهابي.

كما أكدت المذكرة حصول شركة إنتاج الأسمنت على تصاريح من تنظيم داعش الإرهابي لضمان مواصلة إنتاجها، وذلك بعد سيطرة التنظيم على حلب عام 2014.

ومن المثير للدهشة أن باريس، التي تتحدث ليل نهار عن “فزاعة الإسلاميين”، وتقودُ حملات الإسلاموفوبيا حول “التطرف” الإسلامي، وتوظّف سياسياً خطابها المستمر بحق “الحرب على الإرهاب”، وتشنّ على أثر تلك الخطابات حملات أمنية وتضييقات على المسلمين المقيمين بالأراضي الفرنسية، يظهر في نهاية المطاف أنها لا تتورع عن التعتيم على تورط رأسمال فرنسي ضخم بالتنسيق والتعاون ودفع إتاوات والتزوُّد بنفط تنظيم داعش الإرهابي، بل وتغضّ الطرف عن تساهل وتعامٍ تامَّين بحق سلامة العمال المجبرين على العمل بشركة الأسمنت، تحت ظروف عمل مفزعة تعرّض حياتهم للخطر.

يُذكر أن شركة “لافارج” كانت أسّست عام 2010 مصنعها بمنطقة جلابية بالشمال الشرقي السوري، وذلك قُبيل بدء الحرب في سوريا.

مصنع شركة لافارج في الشمال السوري (AFP)

إتاوات “لافارج” للإرهاب

كُشِف لأول مرة عام 2016 عن تفاصيل العلاقة المشبوهة التي تجمع شركة “لافارج” الفرنسية لصناعة الأسمنت وتنظيم داعش الإرهابي.

فقد نشرت صحيفة “زمان الوصل” السورية تحقيقاً مطوَّلاً من عدة أجزاء في شهر فبراير/شباط 2016، يستند إلى شهادات ومستندات تؤكد تورط مصنع الشركة الفرنسية العملاقة بمنطقة جلابية بالشمال السوري، في التعامل المباشر مع تنظيم داعش الإرهابي ودفع إتاوات للأخير مقابل الحصول على الحماية للمصنع والعاملين فيه، وكذلك تيسير مرور الشحنات من وإلى المصنع. كما أكد التحقيق وجود مستندات تثبت تزوّد “لافارج” بالنفط الداعشي لتشغيل مصنعها.

وبعد مرور أربعة أشهر، نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية الشهيرة تحقيقاً مماثلاً، استوثقت فيه من التهم المنشورة عبر صحيفة “زمان الوصل”، وبعد نشر هذا التحقيق أُثير كثير من الجدل داخل فرنسا حول المزاعم الموجهة إلى شركة “لافارج”.

وما لبثت شركة “لافارج” إلا أسبوعاً بعد نشر تحقيق “لوموند”، إذ فتحت بدورها تحقيقاً في الوقائع المتعلقة بمصنعها في سوريا.

سرعان ما تطور الأمر من الصحافة إلى القضاء، ففي نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه توجهت منظمة SHERPA الحقوقية الفرنسية والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان ECCHR برفع دعوى قضائية في المحاكم الفرنسية بحق شركة الأسمنت الضخمة، مدعومين بشهادات وشكاوى عمال سابقين في مصنع الشركة بسوريا.

وبدأت على أثر تلك الدعوى سلسلة من التحقيقات القضائية في تهم موجهة إلى “لافارج” تضمنت التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، ودعم منظمة إرهابية وتعريض حياة عمال مدنيين للخطر.

وبعد عام كامل من التحقيقات، استقال إريك أولسين رئيس شركة “لافارج” من منصبه على خلفية فضيحة تمويل وتعاون مع جماعات ومليشيات مسلحة في سوريا.

لكن القضاء الفرنسي أسقط التهم الموجهة إلى الشركة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019. واستمرت الطعون تُقدَّم لمحكمة النقض الفرنسية، أعلى هيئة قضائية في فرنسا، للبتّ مرة أخرى في تبرئة وإسقاط التهم بحق “لافراج”.

تورط وتعتيم حكومي فرنسي

تضيف المذكرة السرية المنسوبة إلى الاستخبارات الفرنسية -المنشورة حديثاً- فصلاً جديداً غاية في الخطورة حول حلقات الكشف عن دور الحكومة الفرنسية في التعتيم وتغييب الحقائق عن الرأي العام المحلي والدولي في ما يتعلق بفضيحة “لافارج”.

وفقاً للمذكرة الصادرة عن المخابرات الفرنسية في أغسطس/آب 2014، كانت الدولة الفرنسية على علم تام بالتنسيق والتعاون القائم بين شركة الأسمنت الفرنسية والمليشيات الإرهابية بالشمال السوري.

وتضمنت المذكرة تصريحاً نصياً من “داعش” يمنح الشركة الإذن بمواصلة أنشطتها التجارية والوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، وذلك مقابل ملايين من اليوروها “إتاوات” للجماعات الإرهابية.

يُذكر أن مدير أمن شركة “لافارج” السابق جان كلود فيارد، كان أفاد في أثناء سير التحقيقات القضائية عام 2018، بأنه كان يُطلِع المخابرات الفرنسية بنفسه على المعطيات والمستجدات بحق تعاون شركته مع تنظيم داعش، إذ أفصح فيارد عن تلك المعلومة المثيرة للغلط قائلاً: “لم أفرز أياً من المعلومات التي قدمتها للاستخبارات (الفرنسية)”. وأضاف مدير أمن الشركة السابق: “خلال الاجتماعات قدمت كل ما لديّ من معلومات”.

TRT عربي

nexus slot

garansi kekalahan 100