كيف أغرقت الصين عشرات الدول في الديون؟

سلط تقرير لمجلة فاينانشيل تايمز، الضوء على كيفية إغراق الصين، لبعض الدول الفقيرة، بمزيد من الديون، خارج المؤسسات المالية العالمية، بقوانين تتحكم بها هي وحدها.

وضرب التقرير مثالا بزامبيا، التي تخلفت في أكتوبر 2020، عن سداد الفائدة على سنداتها الدولية، بينما كانت تكافح أزمة اقتصادية ومالية فاقمتها جائحة كورونا.

وقال “بعد عامين ونصف، لا تزال زامبيا غير قادرة على حل مشكلة التخلف عن سداد معظم ديونها البالغة 31.6 مليار دولار” مشيرا إلى دور الصين في تفاقم ديون هذا البلد الأفريقي الفقير.

ضائقة ديون

كان موضوع تخلف البلدان المعسرة عن سداد ديونها، على رأس جدول أعمال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن هذا الأسبوع، حيث أشارت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إلى أن حوالي 15 في المائة من البلدان منخفضة الدخل تعاني بالفعل من “ضائقة ديون” وأن نصفها تقريبًا معرض لخطر الوقوع في أزمة حادة.

وقالت للحضور “أثار هذا الوضع، مخاوف بشأن موجة محتملة من طلبات إعادة هيكلة الديون، وكيفية التعامل معها في وقت تواجه فيه حالات إعادة الهيكلة الحالية تأخيرات مكلفة، وكانت زامبيا أحدث مثال على ذلك”.

وفي حين تصدر القوانين المحلية في هذا البلد أو- ذاك أحكاما على أي مؤسسة تتعرض للإفلاس، وتنظم عملية حلها، لا يوجد قانون دولي للبلدان المعسرة،  إذ هناك فقط مجموعة من البنود التعاقدية والاتفاقيات الضمنية، التي تحكم العلاقات المالية بين الدول، من خلال مؤسسات مالية وسيطة.

ويدير تلك المؤسسات المالية المتعددة الأطراف إلى حد كبير أميركيون وأوروبيون.

فقبل عقد من الزمان، استغل صندوق التحوط “إليوت مانجمنت” الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، هذا المشهد لتحقيق عدد من الانتصارات المربحة من خلال مقاضاة المتعثرين في سداد ديونهم.

قوة جديدة

هذا المشهد الآن يتعرض لخطر الانهيار الكامل بسبب ظهور قوة جديدة ومدمرة ومبهمة، وهي: الصين.

تعزز الصين حضورها في دول إفريقية من خلال استثمارات في بنى تحتية غالبا ما ترتّب مزيدا من الديون على دول القارة التي تدفع ثمن وفرة الموارد الطبيعية على أراضيها، في ظل تحذيرات دولية من تراكم الديون على البلدان الأفقر في العالم.

ويتزامن ذلك مع خفض البلدان الغربية تمويل مشاريع البنى التحتية في القارة، ما خلق فجوة في قطاع استراتيجي بشكل كبير بالنسبة للاتحاد الإفريقي.

ويأتي تمويل الصين لمشاريع البنى التحتية في أفريقيا بمعظمه على شكل قروض.

لذلك، يقول خبراء إن إقراض بكين للدول النامية ورفضها “اللعب” بالقواعد التي وضعها الغرب يمثل أكبر عائق لتسوية الديون الحكومية ويهدد بترك بعض البلدان في مأزق ديون لسنوات.

يقول جاي نيومان، مدير صندوق “إليوت” السابق الذي رفع دعوى قضائية ضد الأرجنتين بنجاح مقابل 2.4 مليار دولار بعد إعادة هيكلة ديونها في عام 2001، إن ظهور الصين كلاعب ترك النظام السابق بأكمله في وضع مجهول.

“لديك الآن دائن وهو عبارة عن دولة كبيرة تتمتع بسلطة إملاء الشروط.. لقد غيرت الصين اللعبة تمامًا”.

تشير أحدث بيانات صندوق النقد الدولي (نهاية فبراير) إلى أن تسعة بلدان فقيرة مثل موزمبيق وزامبيا وغرينادا، تعاني بالفعل من “ضائقة الديون”، في حين أن 27 دولة أخرى معرضة “لخطر كبير” من الوقوع في أزمة ديون حادة.

وتقدر AidData  وهي مؤسسة فكرية تنموية، أن القروض الصينية تصل إلى حوالي مليارات الدولارات، وفي معظم الحالات يتم تقديم تلك القروض من قبل عدد لا يحصى من البنوك المملوكة للدولة “مما يزيد الأمور تشويشًا” تقول الصحيفة.

التجديد بدل إعادة الهيكلة

يقول خبراء إن الصين تبدو راضية عن تجديد ديونها لتلك البلدان، بدلا من إعادة هيكلتها، وتقديم قروض جديدة لضمان إمكانية سداد بنوكها المحلية بالكامل “لكنها تفضل التصرف بمفردها، ووفق وتيرتها الخاصة، ولا تشعر بالحاجة إلى الشفافية” يقول التقرير.

وقدرت ورقة بحثية حديثة أعدها العديد من الاقتصاديين، بما في ذلك كارمن راينهارت، من جامعة هارفارد، أن الصين قدمت 128 قرض إنقاذ بقيمة 240 مليار دولار إلى 20 دولة متعثرة بين عامي 2000 و 2021.

وتم تمديد حوالي 185 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية من الدراسة، وأكثر من 100 مليار دولار بين 2019-2021.

لذلك، يقول خبراء آخرون إن إقراض الصين يتميز بـ”الغموض الشديد” حيث أنها  تلعب بمفردها، وبقوانينها الخاصة التي تخدمها وحدها.

وترفض الصين اتّهامها بممارسة “دبلوماسية فخ الديون”، منددة بما ترى أنه انتقاد غير منصف من خصومها الجيوسياسيين في الغرب الذين يثقلون كاهل البلدان الفقيرة بديون ضخمة، وفقها.

ويشير المستشار الاقتصادي للرئيس الصيني شي جين بينغ، ليو هي، لتبرير فلسفة الصين للإقراض، إلى عوامل مثل قلة الخبرة النسبية للبلاد في التعامل مع الديون.

ويقول في الصدد “لا تزال الصين في مرحلة مبكرة من وضع برنامجها لتخفيف عبء الديون”.

وفي حين أن بعض البنوك الصينية تكافح أيضا مع الضربات الكبيرة في قطاع العقارات المتأرجح في البلاد، يزعم هي، أن الضغط على الدول النامية قد اشتد بسبب زيادات أسعار الفائدة الأميركية، ونتيجة لذلك فإن واشنطن “يجب أن تكون المسؤولة عن فخ الديون” وفق تعبيره.

nexus slot

garansi kekalahan 100