نيلسون مانديلا

مؤتمر الشعب ومحاكمة الخيانة (1955-1961)

"نحن، شعب جنوب أفريقيا، نعلن للجميع في بلدنا والعالم حتى يعلموا: أن جنوب أفريقيا ملك لجميع الذين يعيشون فيها، بيض وسود، وأنه لا يمكن لأي حكومة أن تدعي بعدل سلطتها ما لم يكن ذلك قائما على إرادة الشعب."

The opening of the Freedom Charter

وصل مانديلا إلى تصور حول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يقضي بأنه "لا بديل عن مقاومة مسلحة وعنيفة" بعد أن شارك في الاحتجاج الفاشل لمنع هدم ضاحية السود في صوفياتاون جوهانسبرغ في فبراير 1955.

 أشار على سيسولو بطلب الأسلحة من جمهورية الصين الشعبية، ولكن الحكومة الصينية اعتقدت بأن الحركة غير مستعدة لخوض حرب عصابات ضد نظام الفصل العنصري.

بمشاركة من مجلس جنوب أفريقيا الهندي، ومجلس الملونين ومؤتمر جنوب أفريقيا لنقابات العمال وكونغرس الديمقراطيين، حضر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لمؤتمر الشعب، داعيا جميع مواطني جنوب أفريقيا لإرسال مقترحات لمرحلة لحقبة ما بعد الفصل العنصري. واستنادا إلى الردود، وضع روستي بيرنشتاين مسودة ميثاق الحرية، لدعوة إلى إنشاء دولة ديمقراطية غير عنصرية مع تأميم الصناعات الرئيسية. وعندما اعتمد الميثاق في المؤتمر يونيو 1955 في بكليبتاون بحضور 3000 مفوض، اقتحمت الشرطة مكان الحدث، ورغم ذلك بقي جزءا مهما من أيديولوجية مانديلا.

بعد نهاية الحظر الثاني في أيلول 1955، ذهب مانديلا في يوم عطلة العمل إلى ترانسكاي لمناقشة الآثار المترتبة عن قانون سلطات بانتو 1951 مع زعماء القبائل المحلية.

واغتنم الفرصة لزيارة والدته أيضا وNoengland قبل العودة إلى كيب تاون.

في مارس 1956، تلقى إعلانا بحظر ثالث خص الظهور العام، حيث تم حصره على جوهانسبرج لمدة خمس سنوات، ولكنه كان يتحداه في أحيان عدة.

تحطم زواجه عندما أقدمت إيفلين على مغادرة البيت مع أبنائهم للعيش مع شقيقها. وشرعت في إجراءات الطلاق في مايو 1956، مدعية أن مانديلا كان يسيء لها جسديا، الأمر الذي نفاه مانديلا، واشتد الصراع بينهم حول حضانة الأطفال.

سحبت إيفلين عريضة الانفصال في نوفمبر، ولكن مانديلا واصل إجراءات الطلاق في يناير من عام 1958، والتي انتهت بالطلاق في مارس مع عودة حضانة الأطفال لأمهم إيفلين.

 أثناء إجراءات الطلاق، نشأت علاقة بينه وبين الأخصائية الاجتماعية، ويني ماديكيزيلا، وتزوجا في 14 يونيو 1958 في بيزانا. وأصبحت ويني، في وقت لاحق، مشاركة في أنشطة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وقضت عدة أسابيع في السجن.

في 5 ديسمبر 1956، اعتقل مانديلا إلى جانب معظم المجلس التنفيذي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي بتهمة «الخيانة العظمى» للدولة. احتجز في سجن جوهانسبرغ وسط احتجاجات واسعة، وخضع للتحقيق الابتدائي في Drill Hall في 19 ديسمبر، قبل تحديد مدة سجنه.

بدأ طعن الدفاع في 9 يناير 1957، وأشرف عليه محامي الدفاع فيرنون بيرنجيه، واستمرت القضية حتى توقفت في سبتمبر. في يناير 1958، تم تعيين القاضي أوزوالد بيرو لترأس القضية، وفي فبراير استبعد القاضي أن يكون هناك "سبب كاف" لدفاع المتهمين يسمح باللجوء إلى المحكمة العليا بترانسفال.

بدأت المحاكمة بالخيانة رسميا في بريتوريا في أغسطس 1958، بعد أن لبي طلب المتهمين بتعويض القضاة الثلاثة، المرتبطون كلهم بالحزب الوطني الحاكم. في أغسطس، أسقطت تهمة واحدة، وفي أكتوبر سحبت النيابة لائحة الاتهام، لتقدمها بصيغة معدلة في نوفمبر متهمة جميع قادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بالخيانة العظمى بحجة دعوتهم لثورة عنيفة، الأمر الذي أنكره المتهمون.

في أبريل 1959، قامت مجموعة من الأفارقة، غير الراضين عن نهج الجبهة المتحدة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، بتأسيس «مؤتمر كل الأفارقة» (بالإنجليزية: Pan-African Congress : PAC).

وانتخب صديق مانديلا Robert Sobukwe رئيسا، في حين كان مانديلا يعتقد أن المجموعة "غير ناضجة" خاض الطرفان حملة ضد تراخيص المرور في مايو 1960، أحرق الأفارقة خلالها تراخيص مرورهم التي كانوا مضطرون لحملها قانونا. وشهدت إحدى المظاهرات التي نظمها PAC إطلاق الشرطة للنار، ما أسفر عن مقتل 69 متظاهرا في «مجزرة شاربفيل».

تضامنا، أحرق مانديلا علنا تراخيص مروره، كما اندلعت أعمال شغب في جميع أنحاء جنوب أفريقيا، مما أدى بالحكومة لإعلان الأحكام العرفية.

 في ظل التدابير الطارئة، اعتقل مانديلا وغيره من الناشطين في 30 مارس، وسجنوا بدون توجيه اتهام في ظروف غير صحية بسجن بريتوريا المحلي، في حين أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وPAC حظرا في أبريل.

 وهذا شكل صعوبة للمحامين في الوصول إليهم، وتم الاتفاق على أن فريق الدفاع في محاكمة الخيانة سينسحب احتجاجا. فمثل المعتقلون أنفسهم أمام المحكمة، وما لبثوا أن افرج عنهم من السجن عند رفع حالة الطوارئ في أواخر أغسطس.

استخدم مانديلا وقت فراغه في تنظيم «الكل في المؤتمر الأفريقي» بالقرب من بيترماريتزبرج، ناتال، في مارس، حضره 1400 مفوضا من جميع الجماعات المناهضة للفصل العنصري، واتفقوا على «البقاء في بيوتهم» كعلامة احتجاج في يوم 31 مايو، وهو اليوم الذي أصبحت فيه جنوب أفريقيا جمهورية.

في 29 مارس 1961، وبعد محاكمة دامت ست سنوات، نطق القضاة بحكم البراءة، ما شكل إحراجا للحكومة.

اومكونتو وي سيزوي والجولة الأفريقية (1961-1962)

مانديلا على يسار الصورة أثناء لقائه مع قادة جزائريين على الحدود الجزائرية المغربية في مارس 1962. في وسط الصورة كل من بن بلة وبوضياف وآيت أحمد.

سافر مانديلا في البلاد متخفيا ومتنكرا كسائق، لتنظيم وهيكلة خلية جديدة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي والإعداد لإضراب «البقاء في البيت» الشامل طوال يوم 29 مايو.

والمشار إليها بـ"Black Pimpernel" في الصحافة – في إشارة إلى رواية Emma Orczy عام 1905 The Scarlet Pimpernel – في حين أصدرت الشرطة مذكرة لاعتقاله عقدت لقاءات سرية لمانديلا مع الصحفيين، وبعد فشل الحكومة في تفادي الإضراب، حذرهم من أن العديد من النشطاء المناهضين للفصل العنصري سيلجؤون قريبا للعنف من خلال جماعات مثل Poqo التابعة لـ (PAC)

 كان يعتقد أنه على حزب المؤتمر تشكيل جماعة مسلحة لتحكم في توجيه بعض هذا العنف، مقنعا كل من زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ألبرت وثولي – الذي كان أخلاقيا معارضا للعنف – ومجموعات من الحلفاء الناشطين لضرورته .

مستوحاة من حركة 26 يوليو التي قادها فيدل كاسترو وأشعلت الثورة الكوبية، شارك مانديلا في تأسيس «اومكونتو وي سيزوي» ("رمح الأمة"، يختصر MK) مع سيسولو والشيوعي جو سلوفو في عام 1961.

واصبح مانديلا رئيسا لجماعة مسلحة، وأفاده ما كتبه كل من ماو تسي تونغ وتشي غيفارا عن «حرب العصابات». رسميا، المجموعة منفصلة عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، لكنها أصبحت في السنوات اللاحقة جناحه العسكري.

كان أغلب أعضاء MK الأوائل من الشيوعيين البيض. وبعد اختبائه في شقة الشيوعي Wolfie Kodesh في بيريا، انتقل مانديلا إلى مزرعة مملوكة لشيوعي بيليسليف في ريفونيا، وانضم إليه هناك Raymond Mhlaba، سلوفو وبيرنشتاين الذين وضعوا دستور MK تعتمد هيكلية المنظمة على الخلايا، وتأيد أعمال التخريب لممارسة أقصى قدر من الضغط على الحكومة بأقل عدد من الضحايا، كقصف المنشآت العسكرية ومحطات الطاقة وخطوط النقل والهاتف، ليلا وعند غياب المدنيين. وأشار مانديلا إلى أن أطروحة التكتيكات قد تفشل، وقد يلجأ MK إلى "حرب العصابات والإرهاب".

بعد منح زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لوثولي جائزة نوبل للسلام، أعلنت منظمة MK عن وجودها على الملأ بـ 57 تفجيرا في «يوم دينغن» (16 ديسمبر) عام 1961، وتلتها المزيد من الهجمات في ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة.

وافق حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على إرسال مانديلا، في فبراير 1962، مندوبا إلى اجتماع «حركة الحرية الأفريقية في شرق ووسط وجنوب أفريقيا» (Pan-African Freedom Movement for East, Central and Southern Africa : PAFMECSA) في أديس أبابا، إثيوبيا.

بالطبع سافر متخفيا، والتقى مانديلا بالامبراطور هيلا سيلاسي الأول، وألقى كلمته بعد كلمة سيلاسي في المؤتمر.

 بعد المؤتمر، سافر إلى القاهرة حيث أعجب بالإصلاحات السياسية للرئيس جمال عبد الناصر، ثم ذهب إلى مدينة تونس، حيث التقى بالرئيس الحبيب بورقيبة وتسلم منه 5000  جنيه استرليني للأسلحة. انتقل بعدها إلى المغرب ومالي وغينيا وسيراليون وليبيريا والسنغال، وتلقى أموالا من الرئيس الليبيري وليام توبمان والرئيس الغيني أحمد سيكو توري.

 سافر بعدها إلى لندن (إنجلترا)، حيث التقى بنشطاء مناهضين للفصل العنصري، وصحفيين وسياسيين يساريين بارزين.

عاد إلى إثيوبيا، وبدأ دورة تدريبية لمدة ستة أشهر حول حرب العصابات، ولكنه استدعي بعد شهرين فقط إلى جنوب أفريقيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

nexus slot

garansi kekalahan 100