لوباريزيان: بدون تحفظ.. كارلوس غصن يروي قصة هروبه المذهل وعلاقته بإيلون ماسك

غصن: لم أكن وأنا داخل الصندوق خائفا من نفاد الأكسجين، ولم يكن هذا ما سيقلقني، كنت أشعر بالغضب الشديد من الطريقة التي أُعامَل بها لدرجة أنه لم يكن هناك مجال للخوف.

في لقاء حصري مفتوح، قابلت صحيفة لوباريزيان (Le Parisien) الفرنسية الرئيسَ السابق لتحالف الشركات “رينو ونيسان وميتسوبيشي” كارلوس غصن، في بيروت، حيث استقر مع عائلته بعد هروبه المذهل بالطائرة من اليابان في ديسمبر/كانون الأول 2019، إثر اتهامه هناك باختلاس أموال من مجموعة نيسان وإخفائه الدخل ووضعه قيد الإقامة الجبرية.

وقالت الصحيفة إن كارلوس غصن وافق على الحديث -دون تحفظ- عن تلك الاتهامات، وعن الظروف الدقيقة لهروبه، وعن نتائج رينو “السيئة”، كما أبدى شعوره السيئ تجاه الحكومة الفرنسية، ولا سيما وزير اقتصادها برونو لومير.

غصن: نظام اليابان القضائي فيه جوانب مظلمة، وهو نظام استثنائي يدفعك إلى الانتحار، لكنه يمنعك من ذلك في اللحظة الأخيرة.

عملية محفوفة بالمخاطر

بدأت المقابلة -التي نشرت بقلم ماثيو بيلولي- بتفاصيل رحلة الهروب التي أكد غصن أنه اتخذ قرارها قبل أسابيع قليلة من مغادرته، بعد أن توصل إلى نتيجة مفادها أنه ليست لديه فرصة للحصول على صفقة عادلة.

وقال “عندما تفقد كل الأمل، تكون مستعدا للشروع في عمليات محفوفة بالمخاطر”، مشيرا إلى أن عدة خيارات -كالخروج عن طريق البحر أو الدخول باعتباره عضوا في طاقم الطائرة- قد نوقشت واستبعدت، قبل أن يستقر الرأي على خيار صندوق السيارة الذي حدد تفاصيله بنفسه.

وفي وصفه للتفاصيل، قال غصن “كنت متقوقعا في الظلام. لكنني تابعت بأذني مراحل الخطة، فعندما سمعت صوت محرك الطائرة علمت أنني كنت على المدرج، وعندما كان الصندوق مائلا فهمت أنني دخلت صندوق الأمتعة، وفي تلك اللحظة أخبرني شركائي أن الجزء الأول من الخطة قد نجح. لم أكن وأنا داخل الصندوق خائفا من نفاد الأكسجين، ولم يكن هذا ما سيقلقني. كنت أشعر بالغضب الشديد من الطريقة التي أُعامل بها، لدرجة أنه لم يكن هناك مجال للخوف”.

وأشار غصن إلى وجود بعض المحاولات، عندما سئل عن احتمال تعرضه للاختطاف أو التسمم أو ربما القتل، وقال إن ذلك ممكن، “لكنني في بيئة مألوفة للغاية ولدي حراسة جيدة”، مشيرا إلى أنه “من الأفضل أن يكون المرء هدفا صعبا بدلا من أن يكون هدفا سهلا”.

وأشار إلى أن نظام اليابان القضائي فيه جوانب مظلمة، وأنه “نظام استثنائي يدفعك إلى الانتحار، لكنه يمنعك من ذلك في اللحظة الأخيرة”.

كان سقوطي يناسب الجميع

وعند السؤال عن علاقته بفرنسا، قال غصن إنه تلقى دعما لبضعة أسابيع من شركة رينو والدولة الفرنسية، ثم تخلوا عنه خلال اجتماع في وزارة المالية بسبب الخوف من تحرك أصحاب السترات الصفراء، وكان من المناسب للجميع أن يعينوا شخصا أكثر مرونة مني، وعندها صرّح برونو بأنه يثق في العدالة اليابانية، إلا أن رئيس جمهورية سابق زارني، وقال لي “لو كنت لا أزال رئيسا، لكنت قد أرسلت رئيس الوزراء إلى طوكيو، ولم يكن ليغادرها دون أن تصعد معه على متن الطائرة”.

وأضاف أن السفير الأميركي قال يوم اعتقاله للسفير الفرنسي: “لو كان السيد غصن رئيسا لشركة جنرال موتورز، لما مكث في السجن 24 ساعة، مهما كانت التهم الموجهة إليه.. هذه هي السيادة”.

وأوضح غصن أن برونو لومير كان هو الذي أمر بتدقيق الضرائب، وهو الذي أعطى تعليمات واضحة لاثنين من أعضاء مجلس إدارة شركة رينو بأن “نتخلى عن كارلوس غصن. لم نعد قادرين على دعمه”، مشيرا إلى أنه لا يعرف هل كان هذا الوزير يصدر عن أوامر أو كان يعمل بمفرده، إلا أنه كان في مركز كل هذا.

وناقش غصن مشاكل الضرائب مع الحكومة الفرنسية، وقال إنه دفع ضرائبه في فرنسا على مدخوله في فرنسا كمقيم عادي، وأوضح أن الدولة الفرنسية لم تفوّت فلسا واحدا، وأن كل التصريحات صدرت ضمن المعايير، كما أن “مكتب الضرائب قبل ضرائبي لسنوات دون أن ينبس ببنت شفة”، ولكن أعيد فتح القضية عندما كنت في السجن في اليابان.

أجبت عن أسئلة القضاء

وأوضح غصن أن القضاة جاؤوا من فرنسا للاستماع إليه في بيروت، وقد أجاب عن جميع أسئلتهم باستثناء تلك التي كانت تستند إلى مستند مسروق في لبنان من قبل نيسان، يتعلق بقرص صلب تم نقله إلى اليابان وربما تم تعديله، ونقله إلى المدعي العام الياباني الذي أرسله بدوره إلى القضاة الفرنسيين، وهو يشير إلى تحقيقات تتعلق بأمسيتين نظمهما غصن في قصر فرساي، الأولى للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة عشرة لتحالف الشركات، وقد كلفت 630 ألف يورو، والثانية بمناسبة عيد ميلاد زوجته كارول.

ودافع غصن عن نفسه في هذه القضية وفي قضية مدفوعات بعدة ملايين يورو لموزع رينو ونيسان في عمان، وقال “إذا كنت تعتقد أن هناك علاقة غامضة مع الموزع العماني، فكيف يمكنك أن تشرح لي أن رينو ونيسان تواصلان العمل معه؟ هذا الموزع العماني الذي يُفترض أنه مصدر الفضيحة، لم يجدوا تدفقات مالية واحدة من رينو أو نيسان نحوه تدينني”.

وتحدث كارلوس غصن عن الانتقادات التي توجه له بسبب السباق على الأحجام والفشل في الفخامة، وقال إنها مضحكة، لأن “نتائج رينو منذ عام 2012 -عندما كنت مسؤولا- تكللت بنمو قوي للمبيعات. وفي عام 2017 كنا رقم واحد في العالم، بمساهمة شركتي نيسان وميتسوبيشي. ثم انظر إلى خطاب مجلس إدارة رينو في عام 2018 الذي قال فيه: نريد من السيد غصن أن يواصل هذه الإستراتيجية الناجحة للنمو المربح”.

وعرّجت المقابلة على قضية “ديزل غيت”، وهي فضيحة احتيال للتحكم في الانبعاثات اكتُشفت في فولكس فاغن عام 2015، لكن غصن قال “أجرينا عمليات تدقيق داخلية لمعرفة ما إذا كانت هناك أي مناورات هندسية داخلية لإخفاء النتائج. لم نعثر على شيء”.

وعند السؤال عن مقدار الخسارة التي مُني بها، قال غصن “بالمقارنة مع الغالبية العظمى من اللبنانيين لا أشكو من شيء، رغم أني فقدت جزءا كبيرا جدا مما ادخرته في حياتي، فقد خسرت راتبي التقاعدي من نيسان وخسرت أسهم رينو التي كنت مستحقا لها، وتم تجميد بعض حساباتي المصرفية، ويتم عمل كل شيء لمنعي من الدفاع عن نفسي، لأن الدفاع عن النفس مكلف للغاية”.

وأضاف “كانت لديّ أسهم في رينو بقيمة 80 يورو، وهي الآن بقيمة 33 يورو، وأسهم في نيسان بقيمة 1000 ين وتمت تصفيتها بـ300 ين. لقد خسرت بشكل كبير، لأن معظم ثروتي كانت في الأسهم، كما أن لدي في الوقت نفسه أصولا في لبنان الذي ينهار”، مشيرا إلى أن سقوطه مرتبط بشؤون سياسية.

وقال إنه لم يكن نادما على شيء مثل ندمه على أنه -وهو الذي تبحث عنه كل الشركات- كان يكسب راتبا غير مناسب بالمقارنة مع رؤساء شركات مثل جنرال موتورز.

غصن وإيلون ماسك

وعند سؤاله عن شخصية إيلون ماسك وهل هو منبهر به، قال غصن “هل تعلم أننا صنعنا فيلما معا؟ إنه على موقع يوتيوب: انتقام السيارة الكهربائية. كان إيلون ماسك يدير شركة ناشئة صغيرة في ذلك الوقت، وكانت رينو بصدد إطلاق السيارة الكهربائية، مما منحه بعض المصداقية، أما اليوم فتنتج تسلا ربع إنتاج رينو، لكن قيمتها تبلغ ألف مليار دولار، وهو ما يساوي رينو 100 مرة”، وأضاف “هذا هو المشروع والقدرات اللازمة لتنفيذه. عندما تم اعتقالي، انخفض سهم الشركات الثلاث، رينو ونيسان وميتسوبيشي”.

وعندما سئل هل سيراه الناس على التلفاز قريبا، وهل لا يزال مشروع السلسلة على نتفليكس قيد التنفيذ؟ أجاب غصن بأن المسلسل يريد بشكل أساسي استغلال العلاقة الرومانسية بينه وبين زوجته، ثم مغادرته لليابان والمؤامرة، ولذلك لم يوافق عليه، وقال إنه وجد أن نتفليكس “صحيفة صفراء”، إلا أنه كشف عن أفلام وثائقية قيد التنفيذ، وعن كتب، حيث شارك في مشروع لـ”بي بي سي” (BBC) و”إم بي سي” (MBC).

المصدر : لوباريزيان

nexus slot

garansi kekalahan 100