الترويكا .. أو حلف الضرار

–         المؤتمر من أجل الجمهورية : ترتب ثالثا في التفويض الشعبي ، وكانت رتبته مفاجئة له هو نفسه ، وجد في حركة النهضة رفاق النضال والدرب والصفاء الثوري والعمق الشعبي وكذلك وهو الأهم بوابة السلطة حلمه وتوقه الشخصي لقيادته والجمعي لكل مكوناته التي ينحدر من خلفية إسلامية نضالية طلابية

–         التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات : ترتب تاليا في التفويض الشعبي ،  لم يكن يحلم بالوصول إلى الحكم لولا كرم حركة النهضة وتموقعه في وسط اليسار وصلاته بالاشتراكية الدولية علاوة على قربه من منظومة الحضن الفرنكوفوني

إذن منذ البداية كانت الأهداف متباينة ، من حيث أن كل طرف سعى لما فيه مصلحته ومصلحة تموقعه على الساحة وهو أمر في ظاهره منطقي ومعقول ومن أبجديات العمل السياسي المنظم ، غير أن ما آلت إليه الأمور فيما بعد ذهب بالتحالف الثلاثي مذاهب شتى ، حتى أصبح المتابع العادي للساحة يتساءل : ماذا بقي من هذا الثلاثي ؟

لقد عرفت البلاد هزات كبيرة تباينت فيها مواقف الثلاثي ولكن أخطر هزة على الإطلاق كانت في حدثين، الأول استقالة الوزير محمد عبو موجها إصبع الاتهام للحكومة ولحركة النهضة بالتراخي في المحاسبة ثم انقسامه على المؤتمر من أجل الجمهورية حزبه الأصلي ، فيما ذهب التكتل بعيدا بمناسبة مقتل بلعيد عندما شارك في جوقة اتهام النهضة وتحميلها المسؤولية ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل كانت مقدمته انسحاب وزير المالية حينها حسين العباسي المستقل والمحسوب على التكتل واتهامه للحكومة بأنها ستمنح نسبة هائلة من الميزانية لأتباع حركة النهضة ، كل ذلك تعاطت معه النهضة بأناة وبراغماتية كبيرة معتبرة إياه تباين مواقف حزبية فيما أن العمل الحكومي المنسجم متواصل بشكل اعتيادي ، غير أن القاصمة كانت بمناسبة اغتيال البراهمي رحمه الله تعالى عندما انخرط رئيس حزب التكتل في "مؤامرة الانقلاب" باختطافه للمجلس التأسيسي وارتهان عمله للأجندة الفرنسية التي تعمل على إخراج حركة النهضة من الحكم ثم بمناسبة الحوار الوطني عندما وجه الشريكان لطمة أخرى للنهضة ، فالتكتل اختار التماهي مع أغلب مواقف جبهة الإنقاذ حتى أصبح المتابعون يتوقعون انضمامه لها كل حين فيما اختار المؤتمر عدم المشاركة في الحوار الوطني تاركا حركة النهضة في مواجهة العاصفة وحدها فإن نجت نجا معها وإن انكفأت نجا منها .

للمتابع أن يتساءل في هذه اللحظة : ماذا بقي من التحالف الثلاثي أو بالأدق ما هي مبررات تواصله ؟

إن الهدف من تكوين كتلة نيابية كبيرة سقط في الماء من حيث  تشظي الحزبين إلى مجموعات حتى أصبح أمر المحافظة على شرط العشرة نواب لتشكيل كتلة أمرا عسيرا على الحزبين في ظل تشظيهما إلى ثلاث مجموعات منشقة لكل واحد منهما ، ثم يأتي دور انسجام الفريق الحكومي الذي في كل مرة يقفز أحد وزراء الحزبين ليفعل بالحكومة ما لم يفعله مناكفوها (عبو / الديماسي / سامية عبو / سهام بادي..) ، ثم والأخطر أن الحزبين يلعبان ورقة خطيرة لم تظهر للعيان ، فالتكتل يتوجه بعمله لجهات أجنبية أقل ما يقال فيها أنها ضد وجود حركة النهضة على المسرح السياسي التونسي (فرنسا ودعمها للدولة العميقة) فيما توجه المؤتمر للداخل لاعبا لعبة المزايدة على مواقف حركة النهضة في مقدمة لحملة انتخابية ستكون برسم كسر العظام.

فهل يعنّ لنا أن نتساءل بعدها ما مبررات تواصل هذا الحلف ؟ وهل أصبح يمثل عبئا على حركة النهضة ؟

نظن أن الضامن الوحيد لتواصل هذا الحلف هو عمل تنسيقيته العليا التي لازالت مواظبة على الاجتماع الدوري بين الرؤساء الثلاثة.

وبالمقابل هل ستواصل حركة النهضة في هذا الحلف الذي أصبح حلف ضرار ألحق بها العنت أكثر مما فعله أعداؤها التاريخيون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

nexus slot

garansi kekalahan 100