الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي : لا يوجد في مذكرة التفاهم تفصيلات مهمة حول مشاريع اقتصادية و لا دعما للميزانية و هي الاهم

قال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي ان الوثيقة التي تم امضاؤها يوم الاحد الماضي بين تونس و الاتحاد الاوروبي  هي مذكرة تفاهم وليست باتفاقية تعاون وبالتالي هي وثيقة غير ملزمة للطرفين حسب ما يقوله أهل القانون.
و اضاف استاذ الاقتصاد الشكندالي في تدوينة نشرها على صفحته الفايسبوك انه لا يوجد في هذه الوثيقة أية تفصيلات مهمة تتعلق بنوعية المشاريع المقترحة وبالمبالغ المرصودة لها وحتى مشروع المسودة الأولى والتي قدمت منذ حوالي شهر كانت فيها أكثر تفصيلات وخاصة فيما يتعلق بالمبلغ المرصود لدعم الميزانية، وهي الأهم بالنسبة لتونس.
وجاء في تدوينة استاذ الاقتصاد رضا الشكندالي ما يلي :
قرائتي لمضمون مذكرة التفاهم حول الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الممضاة يوم الأحد 16 جويلية 2023
المذكرة تتضمن 5 محاور أساسية :
1) استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو الاقتصادي وذلك بوضع منوال جديد للتنمية المستدامة الشاملة انطلاقا من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أعدتها تونءءءءءء. يناقش الاتحاد الأوروبي هذه الإصلاحات ابتداءا من الربع الثالث من عام 2023 ويرافقها من خلال دعم الميزانية الذي سيدفع بالكامل في عام 2023.
2) الاقتصاد والتجارة وذلك بزيادة التبادل التجاري وتحسين مناخ الأعمال وتحديد فرص الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمشاريع الخاصة في ميادين الزراعة والاقتصاد الدائري والتحول الرقمي أي مشروع الكابل الرقمي والنقل الجوي. كل هذه المشاريع ستتحدد في إطار المؤتمر الدولي للاستثمار الذي تعتزم تونس تنظيمه في قادم الأيام
3) الانتقال إلى الطاقة الخضراء وذلك بتزويد المواطنين والشركات بالطاقة المنخفضة الكربون وتمكين تونس من تصدير الطاقة المتجددة عن طريق مشروع “ألماد”.
4) التقارب بين الشعوب : تعزيز مهارات القوى العاملة التونسية من أجل دعم التنمية الاقتصادية في تونس وزيادة التعاون في مجالات التعليم والبحث والابتكار المضمنة في برامج الاتحاد الأوروبي مثل “Horizon Europe و +Eramsus . و تحسين ممارسات دول الاتحاد الأوروبي في إصدار تأشيرات دخول شنجن للمواطنين التونسيين
5) مكافحة الهجرة غير النظامية وذلك بتأكيد موقف تونس المتمثل في عدم كونها بلد إيواء للمهاجرين غير النظاميين وتوفير الدعم المالي من الجانب الأوروبي لمكافحة الشبكات الإجرامية لمهربي المهاجرين وتهريب البشر وإرجاع المهاجرين غير النظاميين الموجودين في تونس إلى بلدانهم الأصلية
وخاصة إرجاع المواطنين التونسيين غير الشرعيين الى تونس وإعادة إدماجهم عبر المساعدة على إنشاء مشاريع مجدية اقتصاديا
لدي 9 ملاحظات هامة :
1. الوثيقة التي نتحدث عنها هي مذكرة تفاهم وليست باتفاقية تعاون وبالتالي هي وثيقة غير ملزمة للطرفين حسب ما يقوله أهل القانون.
2. لا يوجد في هذه الوثيقة أية تفصيلات مهمة تتعلق بنوعية المشاريع المقترحة وبالمبالغ المرصودة لها وحتى مشروع المسودة الأولى والتي قدمت منذ حوالي شهر كانت فيها أكثر تفصيلات وخاصة فيما يتعلق بالمبلغ المرصود لدعم الميزانية، وهي الأهم بالنسبة لتونس.
3. ما عدى مشروع “ألماد” للطاقات المتجددة والتي حددت فيها مساهمة الاتحاد الاوروبي بمبلغ 307 مليون يورو، لا يوجد في الاتفاقية أي مبلغ يلزم الاتحاد الأوروبي بتنفيذه وحتى مشروع “ألماد” ممول في أغلبه من طرف البنك الدولي في إطار الشراكة الستراتيجية الجديدة وما سمعناه من مبالغ مالية في الندوة الصحفية لا يمكن الاعتماد عليها ما لم توثق في نص المذكرة.
4. احتياجات تونس آنية وتتعلق بتوفير العملة الصعبة اللازمة لأنعاش خزينة البنك المركزي. ما عدى النقطة الأولى والتي تتعلق باستقرار الاقتصاد الكلي حيث تحدثت الوثيقة عن دعم الميزانية لكنها لم تحدد المبلغ، لا توجد مساعدات أو قروض آنية واضحة ستتحصل عليها تونس وحتى تعهد الاتحاد الأوروبي بدفع مبلغ دعم الميزانية الخاص بسنة 2023 كاملا وخلال هذه السنة لم تحدد هذه الوثيقة بالضبط قيمته الحقيقية عكس ما كان في مشروع المسودة الأولى التي قدمت في جوان 2023 وهي 150 مليون يورو.
5. كل المشاريع التي ستنتفع منها تونس ستحدد في مؤتمر للاستثمار تحتضنه تونس وتشارك فيه دول الاتحاد الأوروبي وغالبا ما تتوج بوعود للاستثمار مثلما شاهدناه في المؤتمرات السابقة كمؤتمر الاستثمار 20-20، لكن من الصعب تحقيق هاته الوعود والنوايا على أرض الواقع لأنها ستصطدم بمناخ أعمال غير مشجع للاستثمار وبواقع اجتماعي وسياسي غير مستقر.
6. المذكرة تشمل أساسا مشاريع اقتصادية مهمة لكنها لا تأتي أكلها إلا بعد سنوات واحتياجات تونس آنية
7. المشاريع المعروضة في المذكرة حتى وان كانت لها تداعيات اقتصادية واجتماعية جيدة، فهي تصب أساسا في مصلحة الاتحاد الأوروبي من حيث تثبيت العمالة غير النظامية في تونس أو توفير الطاقة التي افتقدتها أو التي وجدت صعوبة في توفيرها بأسعار عالية أثناء الصراع في اكرانيا. والسؤال الذي يطرح نفسه هل أن إرجاع التونسيين غير النظاميين الى تونس سيتزامن مع الانطلاق في تنفيذ هذه المشاريع أم أن الأهم هو التخلص من المهاجرين التونسيين غير النظاميين وقبولهم من طرف تونس ثم الانتظار حتى تتحدد نوعية هذه المشاريع وطرق تمويلها، عندها ستتفاقم البطالة وسيتزايد منسوب الاحتقان الاجتماعي مع تواصل ارتفاع معدلات التضخم المالي.
8. المذكرة لا تتطرق الى موضوع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بل توحي بأن الاتحاد الأوروبي هو من سيعوض الصندوق وذلك بمرافقته الإصلاحات الاقتصادية التي أعدتها تونس
9. جانب التكوين والتدريب والبحث العلمي من الخطة يتمثل في توسيع الفرص أمام الشباب التونسي للدراسة والعمل والتدريب في دول الاتحاد الاوروبي لمساعدتهم على تطوير المهارات التي يمكن استخدامها لتعزيز الاقتصاد التونسي عبر برنامج ERAMSUS PLUS و Horizon Europeلا أعتقد أن هذه البرامج ستضيف شيئا للاقتصاد التونسي بما أنه ليس لدينا إشكال من هذه الناحية فخريجي الجامعات التونسية خاصة في ميادين الإعلامية والطب وغيرها يشتغلون في أفضل القطاعات في أوروبا ولا يحتاجون تدريبا خاصا لإفادة الاقتصاد التونسي لأن المنوال السائد الذي يعتمد على المزايا التفاضلية لليد العاملة الرخيصة لم يتغير الى الآن.
أعتقد أن الاتفاقية تحتاج الى مفاوضات إضافية لتحديد تفاصيلها وعلى الوفد التونسي المفاوض أن يركز على النقاط الستة التالية :
1. على الوفد التونسي المفاوض أن يبيّن أن لا يمكن للمشاريع الهامة المعلنة في المذكرة أن تكون لها تداعيات اقتصادية واجتماعية جيدة على الوضع في تونس بدون أن يسبق ذلك استقرار الاقتصاد الكلي خاصة في التوازنات المالية وهذا مرتبط بحجم الدعم الذي سيقدمه الاتحاد الأوروبي لميزانية تونس هذا العام. لا بد أن يكون المبلغ المرصود لدعم الميزانية يفي بسد الفجوة المالية لميزانية الدولة لهذا العام أي على الأقل يساوي حجم القرض الموعود من طرف صندوق النقد الدولي.
2. النقطة الثانية التي يمكن للوفد التونسي التفاوض حولها لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي والتوازنات المالية، تحويل ديون دول الاتحاد الاوروبي الى استثمارات حقيقة في تونس وهو ما سيخفف عبئ التداين الخارجي ويقلص من عجز موازنة الدولة. الاتحاد الأوروبي وخاصة إيطاليا وفرنسا في ورطة وهم يحتاجون الى حل مشكلة الهجرة غير النظامية، على تونس أن تضغط بطلب تحويل الديون الى استثمارات حقيقية.
3. النقطة الثالثة تتعلق بتحديد دور الاتحاد الأوروبي في الاصلاحات الاقتصادية المعروضة على طاولة صندوق النقد الدولي وهل أن الاتحاد الأوروبي سيكون وسيطا لتسريع المفاوضات مع الصندوق أم أنه سيعوض بنفسه صندوق النقد الدولي ؟ لا بد من وضوح حول هذا الموضوع
4. النقطة الرابعة تخص الصعوبات التي تعترض تونس على مستوى تأمين التزود بالمواد الأساسية والمتأتية خاصة من تراجع الترقيم السيادي للبنوك التونسية والذي يجعل من البنوك الأوروبية تتردد في تقديم الضمانات الكافية لتأمين التزود بالمواد الاساسية، يمكن للوفد التونسي المفاوض طلب ضمانات أوروبية واضحة لتأمين التزود بالمواد الأساسية وذلك لتأمين الاستقرار الاجتماعي اللازم لمردودية أفضل للمشاريع المقترحة.
5. النقطة الخامسة تتعلق بضرورة ربط عودة التونسيين غير النظاميين الى تونس بسرعة تنفيذ المشاريع المقترحة في المذكرة ولما ضبط قائمة في المشاريع ذات المردودية السريعة لتشغيل آلاف التونسيين غير النظاميين.
6. النقطة السادسة تتعلق بضرورة توسيع الاتفاق ليشمل على الأقل الجزائر وليبيا خاصة وأن الأفارقة جنوب الصحراء يدخلون تونس عبر هذه الحدود. وتكون الاتفاقية ذات جدوى أفضل إن توسعت الى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء ليكون الاتحاد الأفريقي طرفا مهما فيه لأن عودة الأفارقة جنوب الصحراء الى بلدانهم الأصلية مرتبط بعقد اتفاقيات مع هذه البلدان الافريقية.

nexus slot

garansi kekalahan 100