سلوفاكيا ترفض “مجددا” تنفيذ قواعد ميثاق الهجرة واللجوء الجديد

عارضت سلوفاكيا تنفيذ قواعد ميثاق الهجرة واللجوء الجديد الذي اعتمدته دول الاتحاد بشكل نهائي في 10 أفريل الجاري. لكن هل معارضة سلوفاكيا جديدة؟ وهل شهدت السياسة فيها تغييرات متعلقة بملف الهجرة، خصوصا بعد عام 2015؟

بعد ثماني سنوات من المفاوضات بين دول الاتحاد الأوروبي، اتفق البرلمان الأوروبي على ميثاق هجرة جديد مؤلف من جملة قوانين ترمي بمعظمها إلى خفض أعداد المهاجرين الوافدين، وحماية الحدود الأوروبية. كما اشتمل الميثاق على ما يسمى بـ ”نظام التضامن الإلزامي“ ونص على أمور عدة من بينها استقبال كل دولة في الاتحاد عددا محددا من المهاجرين أو دفع مبلغ يصل إلى 20 ألف يورو عن كل مهاجر ترفضه. يزاد على ذلك المساعدة في نقل المهاجرين إما إلى بلدانهم طوعا أو إلى دول أخرى في الاتحاد.

ويعد الاتفاق غير ملزم، إذ يتيح تفاوض دول الاتحاد على أساس كل حالة على حدة. وعلى الرغم من التوصل لاتفاق، يتعين على كل دولة عضو المصادقة أولا، ويكون لديها بعد ذلك عامين لتنفيذ القوانين. لم يحدد موعد المصادقة بعد، لكن أفادت وسائل إعلام أنه من المتوقع أن يكون في أواخر نيسان/أبريل الجاري أو بداية أيار/مايو.

رفض ميثاق الهجرة واللجوء الجديد

أعربت بولندا عن شكوكها في بادئ الأمر، وعارضت نقل طالبي اللجوء إليها. ثم قال وزير الخارجية الهنغاري إن اتفاق الهجرة واللجوء الجديد “يعطي الضوء الأخضر عمليًا للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا“. بعدها أوردت صحيفة برافو اليومية في جمهورية التشيك أن “ميثاق الهجرة في الاتحاد الأوروبي لن يكون قادرًا على تحقيق هدفه وبالتالي لن يحل المشكلات القائمة“، وأخيرا قالت سلوفاكيا إنها غير موافقة.

وهذه الدول الأربعة، أي بولندا والمجر وسلوفاكيا والتشيك، تشكل ما يعرف بـ”مجموعة فيشغراد” التي تمثل تحالفا سياسيا وثقافيا دخل في الاتحاد الأوروبي عام 2004.

جاء التصريح الأخير على لسان رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، الثلاثاء 16 أفريل، الذي قال إن بلاده سترفض تنفيذ قواعد ميثاق الهجرة واللجوء الجديد للاتحاد الأوروبي على الرغم من موافقة البرلمان الأوروبي عليه الأسبوع الماضي. وأضاف “لا يمكنك أن تأمر دولة بوجوب قبول ما يصل إلى 300 مهاجر لا تعرف شيئًا عنهم، أو دفع 20 ألف يورو” عن كل مهاجر. وأكمل “هذا ليس تضامنا، إنه إملاء”.

إلى جانب ذلك نقلت وكالة أنباء “رويترز” أن حزب رئيس الوزراء اليساري المعارض “Smer-SD” والائتلاف الحاكم بأكمله سيصوتون ضد أي قوانين ذات صلة بالاتفاق الجديد في البرلمان الوطني. وكانت أعربت سلوفاكيا وبولندا وجمهورية التشيك وهنغاريا مسبقا عن معارضة اشتراكها في آلية التضامن على مستوى الاتحاد الأوروبي.

سلوفاكيا ليست سوى “بلد عبور”

تعد سلوفاكيا ”دولة عبور“ بالنسبة إلى معظم المهاجرين (خصوصا من الشرق الأوسط وأفغانستان)، يصلون إليها عبر طريق البلقان بعد عبور الحدود الهنغارية، ينطلقون من هناك إلى جمهورية التشيك وصولا إلى ألمانيا، أو يعبرون إلى النمسا انطلاقا من سلوفاكيا.

سلوفاكيا على طريق البلقان
سلوفاكيا على طريق البلقان

لا يبقى معظم المهاجرين في سلوفاكيا، مع ذلك تنتهج سياسة مناهضة للهجرة والمهاجرين. تعزز الرقابة على حدودها، على التوازي مع سعي الدول التي تحدها من جهات مختلفة مثل هنغاريا وبولندا وجمهورية التشيك تشديد الرقابة أيضا. وكانت أرسلت سلوفاكيا ما يصل إلى 500 جندي لمساعدة الشرطة في دوريات المناطق الحدودية خصوصا مع هنغاريا. ووفد إلى سلوفاكيا 25 ألف مهاجر العام الماضي، تقدم اثنان منهما فقط بطلب اللجوء، وفق السلطات.

للمزيد
ارتفاع أعداد المهاجرين غير القانونيين في سلوفاكيا يربك السياسيين قبل الانتخابات

استعمل ويستعمل السياسيون ومنهم رئيس الوزراء روبرت فيكو وحزبه الشعبوي الموالي لروسيا، “SMER-SD”، الهجرة ورقة للفوز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، نهاية سبتمبر 2023. وأفادت استطلاعات الرأي بأن الهجرة هي البند الثالث على قائمة اهتمامات الناخبين في سلوفاكيا، بينما قال 15% من الناخبين إنهم يشعرون بالقلق إزاء الهجرة غير الشرعية، وأوضح ما بين 20% إلى 30% من ناخبي حزب “SMER-SD” والأحزاب اليمينية المتطرفة، أن الهجرة أكبر مشكلة تواجه سلوفاكيا.

للمزيد
من المجر… يعبر مهاجرون بتكتم من أجل الوصول إلى “البلد المقصود”

وكان حزب “SMER-SD” اليساري المعارض للحكومة قد حث على تعليق العمل بقواعد “الحدود المفتوحة” في منطقة شنغن الأوروبية، والعمل على فحص جوازات السفر على الحدود المجرية لوقف الأعداد المتزايدة من المهاجرين الذين يعبرون من المجر إلى أوروبا الغربية وفق وكالة أنباء رويترز التي أضافت قول فيكو بشأن المهاجرين “لا نعرف شيئا عنهم، ليس لديهم وثائق، يختلقون أسماء وتواريخ ميلاد، لكن الحكومة تسمح لهم بالبقاء هنا“.

لم يكن ملف الهجرة على قائمة “الأوراق السياسية”

كان ملف الهجرة موضوعًا سياسيًا ثانويًا في سلوفاكيا قبل وصول إعداد كبيرة من المهاجرين إلى أوروبا عام 2015. ووفق الباحثة “جارميلا أندروفيكوفا”، خُلقت صلة بين الموضوع الأمني والهجرة بعد عام 2015 من خلال الخطابات السياسية. ظهر ذلك بوضوح في الحملات الانتخابية عام 2016 وما بعدها، وبرز ملف الهجرة أو ما يسمى بـ “أزمة اللاجئين أو المهاجرين” عنصرا رئيسا أو حتى وحيدا للحصول على أصوات ناخبين.

كما شهدت البلاد منذ ذلك الوقت رفض معظم السياسيين السلوفاكيين إعادة توزيع المهاجرين على دول الاتحاد الأوروبي بطلب من المفوضية الأوروبية، واستمر الرفض إلى هذا اليوم. وصورسياسيون موضوع الهجرة باعتباره “خطرا” على الأمن وبرز في خطاب سياسيين آخرين، على مستوى سلوفاكيا والاتحاد الأوروبي، باعتباره “تهديدا” للأمن، إضافة إلى أثره السلبي على الاقتصاد والثقافة والمجتمع حتى، ومعظم من تحدثوا في هذه الأفكار كانوا رؤساء وزراء.

ومنذ عام 2004 حتى اليوم، خرج رؤساء الوزراء السلوفاكيين بمعظمهم من حزبين أساسيين، الحزب الديمقراطي اليميني” KDH” والحزب الشعبوي اليساري “SAMER-SD”، وبينما شدد الحزب الديمقراطي اليميني على مسألة خطر الهجرة على المجتمع والثقافة، شدد الحزب الشعبوي على موضوع خطر الهجرة على الحدود.

المصدر: مهاجر نيوز

nexus slot

garansi kekalahan 100