عسكرة البحر الأحمر وباب المندب.. بالخرائط تفاصيل التحركات العسكرية للحوثيين والتحالف الدولي المضاد

شنّت جماعة أنصار الله (الحوثيون) أكثر من 20 هجوماً في البحر الأحمر منذ 19 نوفمبر 2023، استهدفت فيها السفن التجارية التي تقول إنها متجهة إلى الأراضي المحتلة لصالح “إسرائيل”، أو مملوكة لشركاتها أو تحمل بضائعها، ولا تزال مستمرة بهجماتها رغم تشكيل واشنطن تحالفاً بحرياً جديداً لوقفها.

في 18 ديسمبر 2023، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، تشكيل قوة عمل بحرية باسم “حارس الازدهار” بمشاركة دولية، بهدف مواجهة الهجمات في البحر الأحمر، التي تستهدف “إسرائيل”.

هذا التصعيد في البحر الأحمر، يرصده “عربي بوست” في هذا التقرير، مستعرضاً هجمات الحوثيين في اليمن، ونفوذهم على البحر الأحمر، بالإضافة إلى التحركات العسكرية الأخيرة في هذه المنطقة المرتبطة بالهجمات التي تستهدف الاحتلال الإسرائيلي؛ تضامناً مع قطاع غزة، الذي يتعرض للعدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023.

الهجمات الحوثية بدأت في 19 نوفمبر 2023، وتستهدف بشكل أساس التجارة البحرية لإسرائيل، التي تستحوذ على 70% من وارداتها، إذ يمر 98% من تجارتها الخارجية عبر البحرين الأحمر والمتوسط.

وتساهم التجارة عبر البحر الأحمر بـ34.6% في اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي، بحسب وزارة المالية الإسرائيلية.

هجمات الحوثيين ومناطق نفوذهم على البحر الأحمر

كثف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر والخليج العربي خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2023، واستمرت حتى الشهر الجاري يناير/كانون الثاني 2024، والتي كان آخرها ما أعلنته الولايات المتحدة الخميس في الرابع من الشهر ذاته، بأن جماعة الحوثي أطلقت زورقاً مسيّراً مفخخاً تجاه البحر الأحمر، انفجر دون أن يصطدم بأي سفينة.

تسلسل زمني لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر - عربي بوست
تسلسل زمني لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر – عربي بوست

ويستفيد الحوثيون في هجماتهم، من سيطرتهم على مناطق واسعة من ساحل اليمن على البحر الأحمر، الذي يصل إلى 442 كيلومتراً، تبدأ من ميناء “ميدي” التابع إدارياً لمحافظة حجة شمالاً (تحت سيطرة الحكومة) إلى محافظة الحديدة (تحت سيطرة الحوثي)، ثم الخوخة، و”المخا” في محافظة تعز، جنوب غربي البلاد، وتقعان تحت سيطرة القوات الحكومية.

وتُعدّ محافظة الحديدة ذات أهمية استراتيجية كبيرة، إذ تمتد سواحلها من مدينة اللحية في الشمال إلى الخوخة في الجنوب، بطول حوالي (300 كم) وعرض يتراوح بين (60 – 150 كم)، وتفصلها سواحل محافظة تعز عن مضيق باب المندب، الذي يمر منه 21 ألف سفينة سنوياً، حسب ما نقلته صحيفة “الثورة” اليمنية الحكومية، عن وزارة التجارة اليمنية.

مناطق نفوذ الحوثيين على البحر الأحمر - عربي بوست
مناطق نفوذ الحوثيين على البحر الأحمر – عربي بوست

أسلحة الحوثيين المستخدمة في الهجمات

يستخدم الحوثيون أسلحة متنوعة في تنفيذ الهجمات على السفن في البحر الأحمر، كان أحدثها استخدام قوارب مفخخة، وفق ما أكدته واشنطن.

وأشار القائد المركزي للقوات البحرية الأمريكية، الأدميرال براد كوبر، في تصريحات إعلامية، في 4 جانفي 2024، إلى أن ذلك يُعدّ “قدرة جديدة” للحوثيين.

ورصد “عربي بوست” وفق البيانات المعلنة من الحوثيين عبر قناة “المسيرة” الناطقة باسمهم، ووكالة “سبأ” النسخة التابعة لهم، الأسلحة التي استخدمها ونوعها، في الفترة بين 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى 4 يناير/كانون الثاني 2024.

أسلحة الحوثيين بهجماتهم في البحر الأحمر - عربي بوست
أسلحة الحوثيين بهجماتهم في البحر الأحمر – عربي بوست

التحركات العسكرية في البحر الأحمر

رصد “عربي بوست”، تفاصيل التواجد العسكري البحري في البحر الأحمر، متتبعاً مواقع السفن العسكرية بالاعتماد على موقعي “navalnews” و”navytimes” المختصين بأخبار التحركات العسكرية للبحرية حول العالم، وموقع “marinetraffic” لتتبع السفن ومواقعها، والبيانات الرسمية والتقارير الإعلامية في كل من أمريكا وإيران ودول مشاركة في التحالف البحري الجديد.

في الخريطة التالية، تفاصيل مواقع القطع البحرية العسكرية في البحر الأحمر، والتي تواجدت منذ نوفمبر 2023، لتأمين الاحتلال الإسرائيلي من هجمات الحوثيين التي بدأت منذ هذا التاريخ، على السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى “إسرائيل”.

عسكرة البحر الأحمر بعد تشكل واشنطن تحالفاً دولياً ضد هجمات الحوثيين - عربي بوست
عسكرة البحر الأحمر بعد تشكل واشنطن تحالفاً دولياً ضد هجمات الحوثيين – عربي بوست

تظهر في الخريطة مدمرتا الصواريخ الموجهة “USS Mason” و”USS Carny” الأمريكيتين، وهما موجودتان في البحر الأحمر، ونشطتان في تدمير مسيّرات وصواريخ حوثية أطلقت على سفن تجارية وناقلات قالت الجماعة إنها تنشط لصالح “إسرائيل”.

وتوجد السفينة “USS Thomas Hudner DDG-116″ بالقرب من مضيق باب المندب، وفقاً لـ”المعهد البحري الأمريكي“.

3 مدمرات أخرى مزوّدة بصواريخ موجهة، وهي “USS Laboon DDG-58″، و”USS Delbert D. Black DDG-119″، و”USS The Sullivans DDG-68″، وصلت مؤخراً إلى البحر الأبيض المتوسط، بحسب صحيفة بوليتيكو، التي أشارت إلى أن الغرض من ذلك قد يكون إرسالها إلى البحر الأحمر عبر قناة السويس.

وتتواجد البحرية الأمريكية في مياه البحر الأحمر وخليج عدن بالشكل التالي:

  • وحاملات الطائرات: “USS Bataan“، برفقة السفينة الهجومية البرمائية “USS Carter Hall“، كانتا في البحر الأحمر قبل سحبهما في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط.
  •  حاملة الطائرات “USS Dwight D. Eisenhower“، برفقة حاملة الطائرات “USS Philippine Sea” تحركت باتجاه البحر الأحمر.

أما التواجد الدولي الآخر، فجاء كما يلي:

  • توجد حالياً بالقرب من سواحل اليمن البحرية البريطانية بسفنها المدمرة “HMS Diamond” و”HMS Lancaster“، والمدمرة الفرنسية “Languedoc“، والمدمرة من كوريا الجنوبية “Young Manchun“، والفرقاطة الإسبانية “Victoria“، والمدمرة اليابانية “Akiyono”.
  • أما بالنسبة للتواجد الإسرائيلي، فإن تل أبيب حركت 3 فرقاطات شمال البحر الأحمر، لأول مرة في تاريخها، وفق ما أعلنته رسمياً، وهي من فئة “ساعر 5″، و”ساعر 4.5″ و”ساعر 6”.
  • في المقابل، نشرت إيران سفينتها البحرية “IRIS Alborz F-72″ و”IRIS BUSHEHR 422” في البحر الأحمر، وفق وكالة أنباء تسنيم الإيرانية التابعة للحرس الثوري.

عملية حارس الازدهار

تحت مسمى “حارس الازدهار”، أطلق وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، تحالفاً عسكرياً جديداً متعدد الجنسيات في البحر الأحمر، وقال إن الهدف منه “الحد من زيادة الهجمات الصاروخية والطائرات من دون طيار على حركة المرور التجارية بالقرب من مضيق باب المندب”.

تأسس التحالف في 18 ديسمبر، بعد هجمات الحوثيين على المصالح التجارية الإسرائيلية في البحر الأحمر.

يتركز نطاق عمليات “حارس الازدهار” في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، حيث المناطق المتاخمة لمواضع هجمات الحوثيين، بحسب تصريحات أوستن.

ينضوي التحالف الجديد تحت مظلة “القوات البحرية المشتركة” المتعددة الجنسيات، بقيادة واشنطن، و”القوة 153″ التابعة لها، التي تعمل في مجال مكافحة النشاطات غير المشروعة في البحر الأحمر والقرصنة وتجارة المخدرات، وتأمين حرية الملاحة.

وقال مسؤول أمريكي عسكري كبير، لوكالة “أسوشيتد برس” طلب عدم الكشف عن هويته، إنه بموجب المهمة الجديدة، لن ترافق السفن العسكرية بالضرورة سفينة معينة، ولكنها ستكون في وضع يمكنها من توفير مظلة حماية لأكبر عدد ممكن في وقت معين.

الدول المشاركة في “حارس الازدهار”

في البداية، أعلن أوستن أن المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، انضمت إلى عملية “حارس الازدهار”.

أما في 21 ديسمبر 2023، أعلن البنتاغون في بيان رسمي، أن أكثر من 20 دولة وقعت على المشاركة في التحالف، كاشفاً عن مشاركة بريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والبحرين وسيشل واليونان وأستراليا، إضافة إلى الولايات المتحدة.

في حين قال إن دولاً أخرى فضلت عدم الكشف عن مشاركتها.

دول تحالف حارس الازدهار وليس منها أي دولة مطلة على البحر الأحمر - عربي بوست
دول تحالف حارس الازدهار وليس منها أي دولة مطلة على البحر الأحمر – عربي بوست

عن مشاركة هذه الدول في تحالف حارس الازدهار، أوضح أنها ستكون من خلال دوريات مشتركة في مياه البحر الأحمر، إضافة إلى مساهمات في أصول عسكرية مثل السفن والطائرات، وكذلك إمداد التحالف بالعناصر العسكرية وبأنواع أخرى من الدعم.

أبرز الغائبين عن التحالف البحري

لكن أبرز الغائبين كانت الدول المطلة على البحر الأحمر، لا سيما الدولتان العربيتان مصر والسعودية.

من الغائبين أيضاً بشكل ملحوظ الصين، التي لديها سفن حربية في المنطقة، لكنها لم تستجب لنداءات سابقة للمساعدة من السفن التجارية، على الرغم من أن بعض السفن التي تعرضت للهجوم كانت لها علاقات بهونغ كونغ.

وحدها البحرين من بين الدول العربية، التي وافقت على المشاركة في التحالف البحري، بقوة بحرية صغيرة جداً، وبعيدة عن سواحل اليمن، ولكن مشاركتها تأتي بحكم استضافتها مقر “القوات البحرية المشتركة”.

بلغاريا كانت الدولة الوحيدة التي أعلنت رفضها المشاركة في إرسال سفن حربية إلى التحالف الجديد في البحر الأحمر.

ضعف التحالف البحري

قالت صحيفة “غلوبس” المختصة بالاقتصاد الإسرائيلي، الأربعاء 3 جانفي 2024، إن الضعف الذي يعتري تحالف البحر الأحمر، أو ما يُعرف بـ”حارس الازدهار”، يعود إلى وجود “إسرائيل” في قلب الأزمة.

وأفادت بأن تردد الدول الأوروبية في الانضمام إلى قوة “حارس الازدهار” التي تقودها الولايات المتحدة، يعود إلى الخوف من أن يُنظر إليها على أنها تقف إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة.

ووصف التحالف، الذي تحاول أمريكا بناءه بـ”المتعثر”، بعد أسبوعين من تشكيله، بفعل استمرار هجمات جماعة الحوثيين، وضعف الانضمام الدولي له.

منطقة صراع على النفوذ والمصالح

يتمتع البحر الأحمر بأهمية اقتصادية وعسكرية وأمنية، فهو أحد أكثر طرق الملاحة البحرية الدولية حيوية في العالم، ويفصل بين الجزيرة العربية وشرق أفريقيا، ويصل بين القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، كما أنه يربط المحيط الهندي وخليج عدن وبحر العرب بالبحر الأبيض المتوسط.

وتمثل مضائقه وجزره نقاطاً استراتيجية أمنية، وتُعد الدول المشاطئة للبحر الأحمر من أهم المراكز العالمية لإنتاج موارد الطاقة، ما جعل البحر الأحمر موضع صراع إقليمي ومحل تنافس بين القوى الدولية المختلفة.

سبّب كل ذلك، احتشاداً دولياً في هذه المنطقة، على شكل قواعد عسكرية أجنبية وموانئ تجارية تدار خارجياً.

صراع نفوذ دولي في الدول المشاطئة للبحر الأحمر وباب المندب - عربي بوست
صراع نفوذ دولي في الدول المشاطئة للبحر الأحمر وباب المندب – عربي بوست

التواجد العسكري البحري قبل هجمات الحوثيين

تنشط في البحر الأحمر منذ عام 2002  القوات البحرية المشتركة، التي يقع مقرها الرئيسي في المنامة، عاصم البحرين، وتُعد قوة المهام المشتركة 153 المشكلة عام 2022، جزءاً منها مجموعة.

القوات البحرية المشتركة شراكة بحرية تضم 39 دولة، تم إنشاؤها لتحقيق الأمن البحري عبر 3.2 مليون ميل في البحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي.

تضم هذه القوات 5 فرق عمل، يقودها أميرال البحرية الأمريكية بمنصب قائد للقوات البحرية المشتركة، وعميد البحرية الملكية البريطانية نائباً للقائد.

بعد استيلاء الحوثيين على سفينة الشحن “غالاكسي ليدر” في البحر الأحمر في 19 نوفمبر 2023، بدأت أمريكا بالدعوة إلى الحلف الجديد، على الرغم من استمرار مهام القوات البحرية المشتركة، والتي قامت بالتصدي للعديد من هجمات الجماعة الحوثية.

استمرار هجمات الحوثيين

رغم الحشد الأمريكي للتحالف الجديد، فإن هجمات الحوثيين لم تتوقف، في حين قال فارع المسلمي، أحد المحللين من مركز أبحاث “تشاتام هاوس”، إنهم يتوقعون استمرار هجمات الحوثيين في الوقت الحالي، على الرغم من الإعلان الأمريكي للتحالف، وسيظل الشحن التجاري حذراً من استخدام البحر الأحمر.

وقال المسلمي، وفق ما نقلته صحيفة “الغارديان“: “سيستمر الحوثيون بهجماتهم، فهم يحبون الاهتمام، ويحظون بدرجة واسعة من الدعم في العالم العربي بعد تضامنهم مع غزة”.

ووصف جهود الأمن البحري بـ”الضعيفة”، موضحاً سبب ذلك بـ”عدم قدرة مصر أو السعودية على الانضمام إلى التحالف، بسبب المخاوف المتزايدة في العالم العربي بشأن القصف الإسرائيلي المكثف على غزة، ودعم واشنطن لإسرائيل”.

وأعلن الاحتلال الإسرائيلي أنه مستعد للتحرك ضد هجمات الحوثيين في اليمن في البحر الأحمر، “إذا فشل المجتمع الدولي في القيام بذلك”، حسبما قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، السبت 9 ديسمبر 2023.

وقال هنغبي لوسائل الإعلام: “إن إسرائيل تمنح العالم بعض الوقت للتنظيم من أجل منع ذلك، ولكن إذا لم يكن هناك ترتيب عالمي، لأنها قضية عالمية، فسنتحرك من أجل إزالة هذا الحصار البحري”.

في المقابل، حذرت إيران من أن أي تحرك إسرائيلي يهدد أمن طهران القومي في الممرات المائية الدولية “سيقابل برد لا تتوقعه”.

وحذّر الحوثيون من أنهم “سيواصلون منع جميع السفن من جميع الجنسيات المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من الإبحار في البحر العربي والأحمر” حتى يتم توفير الغذاء والدواء لقطاع غزة.

وحتى الجمعة 5 جانفي 2024، خلّف العدوان الإسرائيلي على غزة “22 ألفاً و600 شهيد و57 ألفاً و910 إصابات، معظمهم من الأطفال والنساء، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، المكتب الإعلامي الحكومي.

nexus slot

garansi kekalahan 100