عمليات صد المهاجرين في بلغاريا: وحشية الشرطة واستمرار الإفلات من العقاب

وحشية الشرطة وانعدام المساءلة والإفلات من العقاب: دوافع رئيسية لاشتداد ممارسة عمليات الصد وارتكاب العنف ضد المهاجرين في بلغاريا، وفقًا للجنة هلسنكي البلغارية. المنظمة غير الحكومية تتلقى العديد من الشكاوى من المهاجرين الذين قالوا إنهم تعرضوا “للضرب” على يد شرطة الحدود البلغارية، حسب تصريح رئيسها كانيف خلال مقابلة مع مهاجر نيوز.

ويضيف المتحدث قائلاً “في إحدى الحالات، ثقبت طبلة أذن أحد المهاجرين، وعانى بعد الضرب من العديد من المشاكل، كما ظهرت آثار كدمات على كل مناطق جسده”. وروى أيضًا كيف قامت الشرطة “بمطاردة” مجموعة من الأفغان قبل عدة سنوات على الحدود البلغارية التركية، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات.

وأضاف “كانوا قد استخدموا أسلحة نارية وقتل شخص”، مضيفا أن التحقيقات كشفت أن المهاجر توفي نتيجة رصاصة. لكن على الرغم من ظهور هذه النتائج، “لم يتم توجيه الاتهام لأي شخص”، حسب المتحدث، الذي اعتبر أن “وحشية الشرطة في بلغاريا تطبع مع الإفلات من العقاب”، موضحا أن استخدام الشرطة للقوة على الحدود البلغارية التركية يحدث دائما.

كراسيمير كانيف هو أحد مؤسسي لجنة هلسنكي البلغارية، في 22 يونيو 2023 | الصورة: سو جي فان برونيرسوم/مهاجر نيوز
كراسيمير كانيف هو أحد مؤسسي لجنة هلسنكي البلغارية، في 22 يونيو 2023 | الصورة: سو جي فان برونيرسوم/مهاجر نيوز

وقال كانيف “عندما يلوذ المهاجرون بالفرار تقترب دوريات الشرطة منهم، ولا يمتثلون لأوامر التوقف خلال المطاردة، يتعرضون بعد القبض عليهم لمعاملة وحشية”، مضيفًا أن “بعض أفراد الشرطة يظنون أن المهاجرين لن يعاقبوا بشكل كاف من قبل السلطات، فيضربونهم حتى ينالوا ما يستحقونهم من العقاب”.

ويرى المتحدث أنه في غابات بلغاريا الكثيفة والمعزولة، وأيضا في غياب الأشخاص القادرين على محاسبتهم يدركون أنه لن يحدث لهم شيء”.وقال لمهاجر نيوز “بل الأكثر من ذلك، يتم تشجيع الممارسات غير القانونية عمدا لضمان اتباع سياسة معينة، وهي سياسة التعصب والعداء وعدم الترحيب اتجاه المهاجرين”.

اقرأ أيضا: ما السبب وراء تصاعد أعمال العنف على الحدود البلغارية التركية؟

وصرحت ديانا ديموفا، رئيسة منظمة حقوق الإنسان البلغارية Mission Wings، لمهاجر نيوز حول الموضوع برأيها قائلة “إن الدولة البلقانية أخفت لسنوات الجرائم التي ارتكبها مسؤولوها ضد الأشخاص الذين يسعون إلى الحماية الدولية”.

ماريا، متطوعة بلغارية تبلغ من العمر 13 عامًا وتعمل متطوعة لدى كاريتاس| الصورة: سو جي فان برونيرسوم/مهاجر نيوز
ماريا، متطوعة بلغارية تبلغ من العمر 13 عامًا وتعمل متطوعة لدى كاريتاس| الصورة: سو جي فان برونيرسوم/مهاجر نيوز

الأقليات العرقية أكثر عرضة لوحشية الشرطة

قال كانيف إن المهاجرين، كما هو أمر باقي الأقليات العرقية الأخرى في بلغاريا مثل شعب الروما، يواجهون مخاطر أكبر بكثير على أيدي الشرطة بسبب التمييز وعدم الحصول على الدعم القانوني.

وأضاف أن المهاجرين “ليس لديهم علاقات في المجتمع مع أشخاص يمكنهم مساعدتهم”. مضيفا “إذا تم استخدام القوة ضد رجل من الطبقة المتوسطة في صوفيا، فسيكون هناك أقارب، وربما وسائل إعلام، وربما معارف هنا وهناك، ومحامون بالتأكيد. ولكن إذا كنت تسيء معاملة مهاجر على الحدود البلغارية التركية، فلن يسمع أحد بذلك، ولن يهتم أحد بهذا الشخص”.

وقالت ماريا، وهي متطوعة شابة في جمعية كاريتاس صوفيا الخيرية، لموقع مهاجر نيوز، إنها غالباً ما تشعر بالصدمة من المواقف التي تُتَّخَذُ اتجاه المهاجرين، تقول “معظم الناس يتعاملون معهم بقسوة غير مبررة”.

بلغاريا دولة عبور: فكرة تفاقم معضلة الإفلات من العقاب

هناك سبب آخر وراء استمرار العنف ضد المهاجرين في بلغاريا، فبالنسبة لمعظم المهاجرين، تعتبر بلغاريا محطة عبور للوصول إلى بلدان أوروبية أخرى. لذلك من غير المرجح أن يسجل المهاجرون رسميًا تجاربهم مع سوء المعاملة في بلغاريا، فالقيام بذلك سيجبرهم على البقاء لفترة أطول في البلاد، ويعرض فرصة الاستقرار في بلد أوروبي آخر للخطر.

وقالت لورا تودوروفا، الأخصائية الاجتماعية المساعدة والمترجمة المتطوعة لدى منظمة كاريتاس في صوفيا، خلال تصريحها لمهاجر نيوز “لا أعتقد أن أياً منهم يهدف إلى التسجيل هنا، إنهم يدركون ذلك قبل مجيئهم”.

اقرأ أيضا: 600 مليون يورو للحد من الهجرة عبر بلغاريا

محمد*، شاب سوري ينتظر تحديثًا بشأن وضعه في مركز استقبال اللاجئين في هارمانلي. قال خلاله حديثه مع مهاجر نيوز إن “جميع السوريين الموجودين في المركز، سيذهبون بالتأكيد إلى دولة أوروبية أخرى، عندما يحصلون على الإقامة”.

وقال عبده*، وهو لاجئ سوري آخر في المركز نفسه، إنه وأصدقاؤه يريدون “الحصول على الإقامة في أسرع وقت ممكن للمغادرة من هنا إلى ألمانيا أو بلجيكا والخروج من هذا المكان”.

مجموعة من الشباب السوريين ينتظرون قرارًا بشأن طلبات لجوئهم، في مركز استقبال هارمانلي. 20 يونيو 2023. | الصورة: سو جي فان برونيرسم/ مهاجر نيوز
مجموعة من الشباب السوريين ينتظرون قرارًا بشأن طلبات لجوئهم، في مركز استقبال هارمانلي. 20 يونيو 2023. | الصورة: سو جي فان برونيرسم/ مهاجر نيوز

وقالت مجموعة الشباب السوريين الذين التقى بهم فريق مهاجر نيوز، إن السلطات “ألقت القبض عليهم”، وأن العديد منهم استخدموا “كل أموالهم لتسديد أموال المهربين على أمل الوصول إلى أوروبا الغربية”.

حقيقة الوضع، أن العديد من المهاجرين يريدون فقط المرور عبر بلغاريا، وفعل ذلك بأسرع ما يمكن. كما أوضح كانيف أنهم يسعون لعدم ترك أي بصمات أو سجل من أي نوع في بلغاريا.

يُطلب من المهاجرين الراغبين في تقديم شكوى أن يكونوا مسجلين رسميًا في بلغاريا وأن يتم الحصول على بصماتهم وتخزينها في Eurodac (قاعدة بيانات الاتحاد الأوروبي لتحديد طالبي اللجوء وعابري الحدود غير القانونيين).

وهذا يعني أنه إذا كانوا يرغبون في مواصلة رحلتهم إلى أوروبا الوسطى أو الغربية، فهناك خطر من أن تعيدهم السلطات في وجهتهم النهائية المرغوبة إلى بلغاريا. وقال كانيف إنه بالإضافة إلى ذلك، يتعين عليهم أن يكونوا متاحين لتحقيق جنائي “قد يستمر لأشهر أو حتى سنوات”، كما “قد يخشون من انتقام عناصر الشرطة”.

وقال كانيف “نحن نقدم المساعدة القانونية لهؤلاء الأشخاص، لكنهم يختفون فجأة”. إذا تم فتح تحقيقات في وحشية الشرطة، عادة ما يغادر الضحايا المهاجرون بلغاريا، ونتيجة لذلك يغلق الادعاء التحقيق”.

اقرأ أيضا: بلغاريا: توقيف أكثر من 1,200 مهاجر غير شرعي خلال شهرين

*تم تغيير الأسماء ضمن التقرير لحماية هوية المهاجرين

*هذا التقرير هو الجزء الثاني من سلسلة تحقيقات استقصائية أجراه موقع مهاجر نيوز.

انقر هنا للاطلاع

عمليات صد المهاجرين على الحدود البلغارية: ما السبب وراء تصاعد أعمال العنف على الحدود البلغارية التركية؟ (1/4)

عمليات صد المهاجرين في بلغاريا: وحشية الشرطة واستمرار الإفلات من العقاب (2/4)

عمليات صد المهاجرين في بلغاريا: مواقع احتجاز “سوداء” (3/4)

*هذا التقرير هو الثاني في سلسلة من أربعة أجزاء. تم إجراء جميع المقابلات في الفترة ما بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2023، إضافة إلى تقارير ميدانية من بلغاريا في الفترة ما بين 18 و24 يونيو/حزيران 2023.

سو جي فان برونيرسم/ ماجدة بوعزة

nexus slot

garansi kekalahan 100