قطر.. العوامل التي ساهمت في تحقيق النمو الاقتصادي والصمود أمام الأزمات العالمية

الدوحة – أرجع عدد من خبراء المال والأعمال في قطر، صمود الاقتصاد القطري في وجه التحديات العالمية التي شهدها العالم خلال السنوات الأخيرة، بدءا من وباء كوفيد-19 وصولا للحرب الروسية على أوكرانيا، إلى 5 عوامل رئيسية ساهمت بشكل كبير في تحقيق نمو بمقدار 8% في الربع الرابع من عام 2022، وذلك وفقا لبيانات جهاز التخطيط والإحصاء القطري.

وأوضحوا في حديث للجزيرة نت أن هذه العوامل تتمثل في:

  • تنظيم حدث عالمي مثل بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
  • ارتفاع أسعار الطاقة التي تعتبر قطر أحد أكبر منتجيها في العالم.
  • التشريعات المحلية التي ساهمت في زيادة الاستثمارات.
  • التوسع في الاستثمارات الخارجية.
  • مساهمة القطاعات غير النفطية في زيادة الدخل القومي.

وكان جهاز التخطيط والإحصاء في قطر قد أكد في أحدث بياناته أن الاقتصاد القطري حقق نسبة نمو حقيقي -الأسعار الثابتة- بلغت 8% خلال الربع الرابع من عام 2022 على أساس سنوي قياسا مع الفترة ذاتها من العام 2021.

وأظهرت البيانات بلوغ تقديرات الناتج المحلي الإجمالي الربع سنوية بالأسعار الثابتة حوالي 179.99 مليار ريال في الربع الرابع من عام 2022 مقارنة بتقديرات الربع الرابع المراجعة لعام 2021 البالغة 166.68 مليار ريال ونتج عن ذلك ارتفاع بنسبة 8% (الدولار يساوي 3.64 ريالات).

كما كشفت البيانات ذاتها عن تسجيل ارتفاع بنسبة 2.7% على أساس ربعي بالمقارنة مع التقديرات المراجعة للربع الثالث لعام 2022 البالغة 175.32 مليار ريال، في حين قفز الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية (الاسمي) بنسبة 26.2% على أساس سنوي إلى حوالي 220.43 مليار ريال في الربع الرابع من عام 2022 مقارنة بتقديرات الربع الرابع التي تمت مراجعتها لعام 2021 التي بلغت 174.65 مليار ريال.

مشيرب العقارية لغة معمارية (الجزيرة نت)
أحد أسباب ارتفاع النمو الاقتصادي في قطر هو تأثير المونديال بشكل إيجابي ومباشر (الجزيرة)

عوائد قطاع الطاقة

يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحيم الهور للجزيرة نت إنه في الوقت الذي يواجه العالم ضغوطات اقتصادية كبيرة مصحوبة بنزاعات مسلحة ترتقي إلى درجة الحروب الكبرى، وفي ظل تقارير دولية آخرها من البنك الدولي يشير إلى حالة تباطؤ ملفتة تصيب الاقتصاد العالمي، إلا أن معظم المؤشرات الحيوية للاقتصاد القطري تعاكس هذا الاتجاه.

وأوضح أن أحد أهم الأسباب التي تجعل الاقتصاد القطري في حالة من الصمود والقوة هو عوائد قطاع الطاقة التي تشهد ارتفاعا ملحوظا نظرا لزيادة الطلب، خاصة مع تداعيات الحرب فى أوكرانيا، لافتا إلى أن الاقتصاد القطري يصنف كاقتصاد ناشئ مع نسب نمو مطردة متماشية مع المكون الاقتصادي للدولة بين الريعية والصناعية والمعرفية.

وركز الهور على البيئة الاستثمارية المناسبة التي وفرتها قطر من خلال تطوير البنية التشريعية والقانونية، وبنية التكنولوجيا المتطورة وبنية العنصر البشري الماهر والقادر على التعامل مع المتغيرات والتطورات المحلية والعالمية، فضلا عن الحضور المتوازن والمميز لدولة قطر على المستوى السياسي العالمي، مما انعكس إيجابا على سلاسة إقامة العلاقات التجارية والاستثمارية وغيرها مع شريحة كبيرة من الدول في جميع أنحاء العالم.

توقعات صندوق النقد

وقال أستاذ المالية المشارك بكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة قطر رامي زيتون للجزيرة نت إن الاقتصاد القطري في 2022 حقق نموا بشكل عام بلغ 5.3% متفوقا على توقعات صندوق النقد الدولي التي قدرت بنسبة 3.4%، مرجعا تحقيق هذا المعدل إلى عدة أسباب منها ارتفاع أسعار النفط والغاز والذي أدى لتوفير فوائض مالية ضخمة تم استخدامها لمشروعات مونديال 2022، وشراء جزء من الدين العام، وتدعيم جهاز قطر للاستثمار.

ولفت إلى أن أحد أسباب ارتفاع النمو الاقتصادي في قطر هو تأثير كأس العالم 2022 بشكل إيجابي ومباشر على القطاعات غير النفطية مثل العقارات، المالية، التأمين، الطعام، التشغيل، التخزين، الفنادق، المعلومات، والاتصالات، وهو ما جعل النمو الاقتصادي فى الربع الأخير من العام الماضي يصل إلى 8% ما جعل معدل النمو الإجمالي في العام الماضي هو 5.3%.

وأوضح أن نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي خلال الربع الرابع من العام الماضي بلغت 9.9% وذلك نتيجة تنظيم المونديال وعودة الأنشطة الاقتصادية إلى كامل طاقتها بعد جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن ميزانية قطر لعام 2022 حققت فائضا قدره 89 مليار ريال وهو ما يعد ثالث أكبر فائض في تاريخ موازنات قطر، مما ساهم في زيادة الإيرادات، كما تم استخدام جزء من هذه الفوائض فى تخفيض الدين العام من 5.7% إلى 4.4% .

وتوقع أستاذ المالية أن يشهد العام الجاري استمرارا في نمو الاقتصاد القطري مدعوما بفوائض ميزانية 2023 وارتفاع أسعار النفط خلال العام الجاري، خاصة بعد قرار مجموعة أوبك تخفيض الإنتاج متوقعا أن يصل سعر برميل النفط إلى 90-95 دولارا في حال استمرار الأزمة الأوكرانية واستمرار منظمة أوبك في سياستها تجاه تخفيض الإنتاج.

ورغم توقع زيتون بألا يصل معدل النمو خلال العام الجاري لنفس معدل العام الماضي، إلا أنه يعتقد أن يواصل أداء الاقتصاد القطري الصمود وعدم التراجع، رغم توقعات صندوق النقد العالمي بعام اقتصادي صعب، موضحا أن القطاعات غير النفطية، ومنها قطاع السياحة، في قطر سوف تكون لها مساهمة إيجابية خلال العام الجاري أيضا في إجمالي الناتج المحلي.

رامي زيتون: 9.9% مساهمة القطاعات غير النفطية فى الناتج المحلى ( الجزيرة نت
رامي زيتون يتوقع أن يشهد العام الجاري استمرارا في نمو الاقتصاد القطري (الجزيرة)

أزمة تضخم عالمية

من جانبه، قال رجل الأعمال القطري علي الخلف إن نمو الاقتصاد القطري خلال الربع الأخير من العام الماضي بمعدل 8% هو معدل حقيقي وليس وهميا نتيجة عدة عوامل ساهمت مجتمعة في تحقيقه، في ظل أزمة تضخم عالمية تضرب العالم بأسره نظرا لارتفاع أسعار الطاقة ومن قبلها أزمة كوفيد-19 وتأثر سلاسل الإمداد وصولا إلى حرب أوكرانيا.

وأشار الخلف في حديثه للجزيرة نت إلى أن تنظيم بطولة كأس العالم 2022 وارتفاع أسعار الطاقة يأتيان في مقدمة العوامل الرئيسية لوصول معدل النمو في الدولة لهذا الرقم المهم في ظل أزمة التضخم، وهو أمر غير معتاد في الاقتصادات العالمية، متوقعا أن يواصل الاقتصاد القطري نموه بشكل ثابت نتيجة الاعتماد بصفة رئيسية على صادرات الطاقة التي تمثل قطر فيها عنصرا مهما على الصعيد العالمي.

وأشاد الخلف بالدور التشريعي الحكومي الذي شهد تطورا كبيرا خلال الفترة الأخيرة من خلال تشريعات جديدة تسهم في تنشيط العمل الاستثماري خاصة من قبل القطاع الخاص في جميع القطاعات الاقتصادية، وهو ما سيكون له تأثير إيجابي كبير على المدى البعيد.

ورغم توقعات الخلف باستمرار النمو الاقتصادي في قطر بشكل متميز، إلا أنه توقع أن يتأثر القطاع العقاري خلال العام الجاري، موضحا أن هذا القطاع في حالة إعادة تنظيم بعد حالة انتعاش كبير بفضل مونديال 2022.

المصدر : الجزيرة

nexus slot

garansi kekalahan 100