85 % زيادة في إنتاج الغاز القطري خلال 6 أعوام

حقق الغاز الطبيعي القطري خلال الأشهر القليلة الماضية مكاسب مكنته من الهيمنة على واجهة الصدارة في نادي الطاقة العالمي على امتداد العقود المقبلة، بيد أن التحدى الأبرز أمام المنتج القطري من الغاز أنه لن يستطيع حسم هذا الامر الا إذا اقتنعت الدول النامية تحديدا بالتخلي عن الفحم واعتبار الغاز مصدرا مرنا للطاقة الكهربائية من أجل تعويض عدم انتظام الطاقة المتجددة، وفي حال تحقق ذلك فإن هذا يفسح المجال أمام نمو كبير للطلب على الغاز مستقبلا، ذلك الأمر يجمع عليه خبراء الطاقة في العالم.
وتجيء تداعيات الحرب الأوكرانية – حسب الخبراء – وما ترتب عليها من ازمة في الغاز وصعود أسعاره، لكي تجعل الدول النامية تشعر بالخوف، وخاصة كل من الصين والهند، نظراً لحرصها بقدر اكثر على امن الطاقة وضمان تدفق الإمدادات منها، وتلك هي الاعتبارات التي تقف خلف قرار قطر الشهر الماضي بالإعلان عن رفع الزيادة في إنتاج الغاز المسال من 60 % الى قرابة 85 %، وقد ينتج عن هذه الارتفاع فائض في الانتاج يؤثر على الأسعار”.

وفي ذات السياق كشف وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد بن شريدة الكعبي نهاية فبراير الماضي عن توسعة جديدة لحقل الشمال للغاز في الغرب بمقتضاها يمكن إنتاج 16 مليون طن سنوياً من التوسعة الجديدة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال. وان مجمل انتاج الغاز الطبيعي سوف يصل إلى 142 مليون طن سنوياً. بيد ان الإنتاج الجديد سيتكلف المليارات، وآسيا بها أكبر نمو لسوق الغاز وهو مدفوع بزيادة عدد السكان بالمنطقة، وسيكون هناك شح بالغاز في السوق حتى مع هذه الزيادة”.
ووفق ما نقلت عن مصادر بقطر للطاقة ذكرت وكالة فرانس برس، أن “الدراسات الأخيرة قد بينت أن حقل الشمال يحتوي على كمية غاز إضافية ضخمة تقدر بحوالي 240 تريليون قدم مكعب مما يرفع احتياطي الغاز في دولة قطر من 1760 إلى 2000 تريليون قدم مكعب، ويفتح هذا التوسع الطريق أمام قطر لتأمين دور مهيمن طويل المدى في الصادرات العالمية.
وقد وقعت قطر للطاقة بالفعل سلسلة من الصفقات لبيع الإمدادات من توسعها الحالي إلى 126 مليون طن، بما في ذلك اتفاقية مدتها 27 عاما مع شركة “تشاينا بيتروليوم أند كيميكل” ومع شركات أوروبية مثل “توتال” و”شل”.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 50% بحلول عام 2040، مدفوعا بارتفاع الاستهلاك في آسيا، وفقا لشركة شل. وبدأت قطر للطاقة بتنفيذ الأعمال الهندسية الأساسية اللازمة لضمان الانتهاء من التوسعة في الوقت المعلن. وقطر من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا وأستراليا.

وتعمل قطر على مشروع توسيع حقل الشمال الذي يمتد تحت مياه الخليج حتى الأراضي الإيرانية ويضم حوالي 10 بالمئة من احتياطات الغاز الطبيعي المعروفة في العالم، بحسب تقديرات “قطر للطاقة”.
وتعد الدول الآسيوية، وعلى رأسها الصين واليابان وكوريا الجنوبية، السوق الرئيسية للغاز القطري، غير أنه يلقى طلبا متزايدا من الدول الأوروبية الساعية للحد من اعتمادها على موسكو في هذا المجال منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022.
ومن المتوقع أيضا أن يتعاظم دور دولة قطر في هذا المجال مستقبلا، في ظل توجه العديد من الاقتصادات في العالم، مثل الصين والهند والاقتصادات الناشئة، إلى الاعتماد على الغاز الطبيعي مصدرا للوقود النظيف.
وفي هذا السياق، أكد السيد ناصر جهام الكواري، المختص في مجال الطاقة ورئيس مجلس إدارة شركة كورانفو للاستشارات في تصريح لـ “قنا”، ضرورة تسليط الضوء على الدور الكبير الذي تلعبه دولة قطر في صناعة الغاز المسال، واصفا رفع دولة قطر إنتاجها بـ “التوسع الاستراتيجي”.
وقال الكواري إن دولة قطر تضع معايير جديدة في صناعة الغاز، وإن التوسع أكثر من مجرد رقم، فهو يعني التزاما من قطر تجاه تلبية الطلب العالمي على الطاقة، ومستقبل الطاقة النظيفة. مشيرا إلى أن التوجه لرفع الإنتاج في قطر يدعم الطموح بتكنولوجيا متقدمة وتركيز قوي على الاستدامة البيئية، حيث تعيد قطر تعريف معايير الصناعة، مظهرة كيف يمكن أن يسير النمو والمسؤولية البيئية جنبا إلى جنب.
ومكانة قطر في صناعة الغاز العالمية تؤكدها الأرقام، حيث من المتوقع أن تساهم مشاريع قطر للطاقة بنحو 40 في المئة من إجمالي إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية الجديدة بحلول عام 2029، كما ستساهم في تحقيق خفض كبير في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال تقنيات احتجاز وتخزين الكربون، وكذلك استخدام الطاقة الشمسية، وتعمل بشكل عام على تقليل كثافة الكربون الإجمالية بحوالي 30 في المئة، مقارنة بتصاميم الجيل السابق من المشاريع.
وأبرمت قطر للطاقة، من جهة أخرى، عدة اتفاقيات لزيادة حجم أسطولها من ناقلات الغاز الطبيعي المسال، لبناء 100 ناقلة غاز مسال بتكلفة تقدر بحوالي 70 مليار ريال ضمن ثلاث اتفاقيات مع أحواض بناء السفن الكورية الثلاث الكبرى؛ وذلك بهدف تأمين إمداد أسواقها من هذا المنتج الحيوي.
يذكر أن كبريات شركات الطاقة العالمية تشارك بالتطوير مثل شركات “توتال إنرجيز” الفرنسية و”إكسون موبيل” و”كونوكو فيليبس” الأمريكيتين و”إيني” الإيطالية و”شل” و”سينوبك” الصينية، قد فازت في وقت سابق بعقود تطوير حقل الشمال الشرقي بالشراكة مع /قطر للطاقة/، كما فازت “توتال إنرجيز” و”شل” و”كونوكو فيليبس” بعقود تطوير حقل الشمال الجنوبي بالشراكة مع قطر للطاقة.

عائدات مالية ضخمة
ويشير تقرير لـ “قنا” نشر مؤخراً، أن مشروع توسعة حقل الشمال يعد أحد أكبر استثمارات صناعة الطاقة خلال الأعوام القليلة الماضية، بالإضافة إلى كونه أكبر مشاريع الغاز الطبيعي المسال على الإطلاق، وأكثرها تنافسية، كما أن المشروع يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني لقطر بعائدات مالية ضخمة على مدى عشرات السنين، كما سيكون لأعمال الإنشاءات وغيرها من الأنشطة المرتبطة بتنفيذ المشروع أثر كبير في تحفيز النشاط الاقتصادي في مختلف القطاعات المحلية.
ووفق التقرير، يحتوي المشروع على عدد من المكونات البيئية التي تدعم التزام دولة قطر القوي بتحقيق أعلى المعايير البيئية، وبتقديم حلول موثوقة في عملية التحول إلى طاقة منخفضة الكربون، ويعتبر نظام تجميع وحقن غاز ثاني أكسيد الكربون أحد أهم العناصر البيئية للمشروع، حيث يشكل جزءا من الإنشاءات المتكاملة لتجميع غاز ثاني أكسيد الكربون وحقنه في راس لفان، والتي ستصبح عند تشغيلها بالكامل الأكبر من نوعها في صناعة الغاز الطبيعي المسال، وأحد أكبر المرافق من نوعها التي تم تطويرها على الإطلاق في أي مكان في العالم.

nexus slot

garansi kekalahan 100