المهديّ ….و المُـنْـتَظِرون
نعود إلى موضوع المهدي المنتظَر ،من جهة المنتظرين لا من جهة المهدي ،،فنسأل ،لماذا ننتظر مهديّا إذا كان الاسلام اليوم متاحا مباحا في المتناول ، اكثر مما كان في الماضي ،فالقرآن المجيد بين أيدينا و السنّة الشريفة بين أيدينا و التفاسير و كتب السيرة و السنة و الفقه بين أيدينا ،،،فيمكن بنقرات على فأرة جهاز الاعلامية ان تحمّل ما شئت من قرآن بمصاحف متنوعة الخطوط و الزينة و بالروايات و القراءات التي تريد …و يمكن تحميل كتب التفسير و كتب الحديث، كما يمكن البحث عن آية أو حديث بذكر كلمة واحدة من كلماته ،،و يمكن الوقوف على شروح عديدة للآيات و الاحاديث …و يمكن الوقوف على آراء العلماء و المحدثين و المؤرخين في أحداث التاريخ العظيمة ، كالفتوحات و حروب الفتن و الثورات و الصراعات … و ذلك بزيارة المواقع المتنوعة ، أو بالتواصل مع العلماء عن طريق الشبكة العنكبوتية ، كما يمكن بسهولة متابعة مقاطع مصورة :فيديو او سمعية:أوديو ، و متابعة دروس لعلماء و مشائخ ،،و تحميل ما تريد نصيّا او صوتيّا …ألخ ،
و يمكننا النظر إلى شاشاتنا الموصولة بالأقمار الاصطناعية لمشاهدة الكعبة على مدار الساعة و الناس يطوفون و يلبون و يسعون بين الصفا و المروة ، و مشاهدة الحجرة الشريفة و الروضة العطرة في الحرم النبوي ،و الناس بين قائم و راكع و ساجد
و إذا كان الله تعالى تولّى حفظ القران الكريم ،و قيّظ للسنة رجالا أفذاذا جمّعوها بالتدقيق و التمحيص و الغربلة ، حتّى صرنا في زماننا هذا أكثر اطّلاعا على ما ترك لنا النبي صلّى الله عليه و سلّم ، من أيّ زمان سابق مثلما أسلفنا ،، فلماذا نحتاج إلى مهديّ و الهدي القرآني و هدي النبوّة و هدي الأصحاب الأطهار و التابعين و تابعي التابعين ،كل ذلك بين أيدينا،،،
لماذا نحتاج الى مهديّ و النبيّ صلى الله عليه و سلّم تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها و ترك فينا ما إن أخذنا به فلن نظلّ بعده أبدا كتاب الله و السنّة الشريفة ،بل نحن نعتبر النبيّ صلّى الله عليه و سلّم قائم بين ظهرانينا، نسلّم عليه في صلواتنا و نسلّم عليه في حجرته الشريفة و يردّ علينا السلام
لماذا نحتاج الى مهديّ و القرآن بين أيدينا كانّه ينزل للتّوِّ ، و هو متوفّر في مصاحف بكل الاحجام و هو مترجم الى أغلب اللغات و علوم القرآن كذلك و علوم الحديث و شتّى العلوم التابعة للقرآن و السنّة الخادمة لها ،،،
لماذا نحتاج الى مهديّ ننتظره ….، و هل ننتظره لينصرنا أم لننصره ؟؟إلى ماذا سيهدينا و سبل الهداية متوفرة لمن ظلّ ،،و دعاؤنا الى الله متواصل في كل ركعة من كل صلاة بالدعاء الخالد في فاتحة الكتاب :اهدنا الصراط المستقيم ،..
إن الذي يريد ان يهتدي في زماننا هذا لا يحتاج الى إمام ينتظره ، لأن الاسلام مثلما قلنا ، متاح و مباح ، بل هو لفرط ما هو مباح ، صار مستباحا من بعض الدخلاء ،،حتى صار كلّ من هبّ و دبّ منهم ، يقول في الاسلام بما يشاء و يحدث فيه بما يريد فيُفتي، و يحرّم و يحلل ، فيُفسد على الناس دنياهم و آخرتهم ،
كيف ننتظر إماما مهديّا ، و إمامنا هو المصطفى صلى الله عليه و سلّم هديه واضح جليّ و في المتناول ، كما ذكرنا ..،
و فكرة المهدي و ظهوره لها وقعها و أثرها في بلادنا ، فقد جلجلت الفكرة و تجلّت حتّى جاءت بمدينة المهديّة ، و الخلافة الفاطمية ، ثمّ جاءت بالقاهرة المعزيّة و بالازهر الذي كان الشيعة الفاطميين يلعنون من على منبره الشيخين :سيدنا عمر و سيدنا أبي بكر رضي الله عنهما ،،و تواصل ذلك دهرا حتّى جاء صلاح الدين فهدّ بنيان الزيف و أوقف اللعن و أعاد سماحة الإسلام و أبطل الأباطيل، و سنعود إلى فكرة المهدي المنتظر ،و التشيع الى أهل البيت ،مرّة اخرى ،لأنها تأخذ بلبّ الكثير من الناس و تشغل بال الكثير من الشباب و لأن آلام العراق و اوجاع سوريا الحالية ،في خلفيتها، نابعة من فكرة التشيع وطاعة المراجع ،و ذكر الائمة بالكثير من الزيادات و المبالغات التي أفسدت صفاء النفوس ،،و أصبح الكره الاعمى بين أبناء الوطن الواحد مسيطرا على القلوب ،و صرنا نرى الناس يقتل بعضهم بعضا نصرة لآل البيت و باسم الائمة الاطهار ، و البعض رأى في انتظار المهدي ، و في أداء البيعة او النصرة لهذا الامام او ذاك ، نوعا من الفرار من الواقع المؤلم ،،،فيا أيها المنتظرون ،ألا يكفيكم اتباع النبيّ محمد صلى الله عليه و سلّم هاديا مهديّا؟؟
و سنعود باذن الله للحديث عن ظهورٍ فعليّ لمهدي كذوب ، اتبعه كثير من الناس ،و جرّ الكثير من الآلام ،،،كان ذلك من اكثر من ألف سنة