تحديات إعلام الثورة السورية

بقلم : أحلام رحومة

عندما قامت الثورة لم تجد من ينقل اخبارها عدى قناة الجزيرة عبر نشطاء على أرض الميدان.نظرا للقبضة الحديدية التي يمارس النظام على المعلومات والأخبار من الداخل وحرصه على شيطنة الثورة ووسمها بالإرهاب ومحاربة الإرهاب. وهذا ما جعل الثوار يستنجدون بشبكات التواصل الإجتماعي أو ما سمي بالإعلام البديل.

لم تكن كلمة جريدة تعني للسوريين شيئًا سوى ثلاث عناوين: “الثورة، البعث، تشرين”، صوتٌ واحد ونَفس واحد وبُعدٌ واحد لما يريد النظام نشره من أفكار وأخبار تسبح بحمد النظام والسلطة الحاكمة.

ولأنّ الحاجة هي أمّ الاختراع، كان لا بدّ من إعلام “مواز” أو”بديل” لإعلام السلطة المتواطئ مع روايتها بشكل تام، وهكذا برزت ظاهرة “المواطن الصحفي” أو”النّاشط الإعلامي” والذي استطاع ورغم ضعف مهنيّته وخبرته -أن يوصل صوت المتظاهرين السلميين إلى العالم الخارجي، وأن يحقق نجاحاً هائلاً في استقطاب المناصرين للقضية السورية بوصفها ثورة شعب مظلوم يريد حريته.

ولا شكّ بأنّ عوامل موضوعية قد أسهمت في نمو موجة التعاطف مع ما يُوثّقه هذا” “المواطن الصحفي” بكاميرته الغير احترافية، حيث تزامنت مع الموجات الأولى للربيع العربي في المنطقة كلها، والتي بشّرت بقيم العدالة والحرية، واكتسبت شعبية كبيرة نابعة من الإيمان العميق بهذه القيم بعد سنوات طويلة من الاستبداد والقهر السياسي، في بيئة سياسية تغصّ بعوامل الصّراعات والتناقضات الإقليمية والدولية، الأمر الذي هيأ فرصة التفاعل الإيجابي مع أنشطة “الإعلام البديل” أو ظاهرة”المواطن الصحفي” تأثّراً بمختلف الأسباب الإنسانية والسياسية، حيث تفاعلت وسائل الإعلام الكبرى مع الحدث السوري بشكل يومي.

ارتبطت ظاهرة الإعلام البديل بالحراك الشعبي السلمي بداية، ولكن مع تشعّب الصراع وتطوره إلى العمل المسلح، فقد “الإعلام البديل” بعض التعاطف والمصداقية، ووقع في بعض الإشكاليات والقصور رغم تفوّقه النسبي ضمن الإمكانيات المتاحة له، يحاول التقرير مقاربة أهم هذه الإشكاليات، مع اقتراح توصيات بشأنها.وأفقد القنوات التي تعتمد على المواطن الصحفي مصداقيتها نظرا لعدم توفر مكاتب ومراسلين لها.

وفي هذا السياق يوضح يحيى العريضي، وهو عميد سابق لكلية الإعلام بجامعة دمشق، وحالياً المتحدث الإعلامي لـ “هيئة التفاوض السورية”، أنه “رغم أن الإعلام البديل كان الناقل لصرخة الثورة الأولى، بإيصال ما يجري في البلاد، والشاهد على الممارسات الإجرامية للنظام بحق المنتفضين، من خلال كونه الكاميرا الميدانية ومحطة البث الحقيقية لانتفاضة الشعب السوري، بفتح أعين العالم على ما يجري في سورية، إلا أنه لم يرتقِ لما تطمح إليه الثورة السورية، ولا لتطلعات الشعب السوري الذي قدم الكثير من التضحيات”. ويضيف العريضي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “هناك جملة من الأسباب لذلك، في مقدمتها محدودية خبرة من عمل في الإعلام كناقل للصورة والخبر. إذ تصور البعض أن الإعلام مهنة من لا مهنة له، كما أن هناك ندرة في التدريب وضعفاً في التأهيل لبعض مَن انخرطوا في هذا المجال. ما ساهم أيضاً في إضعاف الإعلام البديل، هو الاكتفاء بالتغطية والنقل الميداني، وكأن الموضوع مادة خبرية تنتهي في مكانها. وجانب آخر، كانت الحالة الحماسية التي شكّلت معلما للرسالة الإعلامية المقدمة من قبل وسائل الإعلام البديل، وهذا أوقعها أحياناً في مبالغات انعكست على جانب المصداقية”.  ويشير العريضي، إلى أن “الإعلام المضلل لعب دورا في تشويه الصورة، فالبعض كان يعتمد الإعلام المضلل في إعلام الثورة كمصدر نتيجة قلة الخبرة، والطرف الآخر تنبّه لأهمية الإعلام. فبعد أن أُخِذَ إعلام النظام على حين غرة نتيجة عنصر المفاجأة، وكان في حالة يرثى لها، استنفرت فيما بعد كل الجبهات الإعلامية التي قدمت العون للنظام، من إعلام (حزب الله) وأبواقه، إلى الإعلام الإيراني وحتى الروسي، ثم أخذ إعلام النظام يتماسك، وبدأ يستخدم الكذب والتدليس بأسلوب محترف. وهو أساساً يمتلك بعض الخبرات التي تم توظيفها في هذا الجانب لتشويه الحقائق، وتم رصد الكثير من الأموال وجلبت الخبرات من الخارج، أما في إعلام الثورة فاصطدمت المؤسسات بالضعف المادي وعدم التخصص والمأسسة، فالإعلام مهمة صعبة، وتحتاج إلى أموال“.  

وينوه العريضي إلى أن “هناك بعض المؤسسات أدت ما عليها حقيقة في بداية الثورة، ثم دخلت في دوامات ركيكة أفقدتها بوصلتها، ما ساهم في التشرذم والضعف. كما أن قلة الاستقطاب للكوادر الإعلامية التي أثبتت خبرتها في مجال الصحافة بعد أن تعلمت من التجارب، كانت مشكلة في عدم إحراز تقدم أكبر في مجال الإعلام البديل للثورة للأسف”. وبحسب العريضي، فإن الإعلام العالمي أفرز جانبا مهما للثورة السورية، وخصص لها مساحة كافية، لكن الظروف الدولية والتغيرات التي لحقت بالثورة وظهور تنظيمات لا تخدم قضيتها، جعل الاهتمام الدولي وبالتالي وسائل الإعلام العالمية ينصرف عن الاهتمام، وربما بات لها موقف غير متضامن مع الثورة في مرحلة من المراحل”. ويختم: “بالمجمل، دخلت سورية في عالم الإعلام من أوسع أبوابه. ولحظة عودة سورية إلى حياة حرة ديمقراطية، سيكون إعلامها سلطة رابعة بحق. والفضل في ذلك لثورة الحرية والكرامة“.

nexus slot

garansi kekalahan 100