برلمان يبحث عن ذاته

بقلم : قمر الزمان بن مصطفى

نظام الكتل البرلمانية هو نظام يتبع في العديد من البرلمانات حول العالم، حيث يتم تشكيل مجموعات برلمانية تضم أعضاء البرلمان الذين يتشاركون في رؤية سياسية أو فكرية مشتركة، ويتحدون في كتل برلمانية لتشكيل قوة سياسية أكبر في البرلمان. مع ذلك، فإن نظام الكتل البرلمانية يواجه عدة مشكلات وفشل في بعض الأحيان، ومنها:
1- انتهاك الديمقراطية: يمكن للكتل البرلمانية الكبيرة التي تمثل الأغلبية في البرلمان أن تسيطر على القرارات بمفردها دون توافق مع الأقليات، مما ينتهك مبدأ الديمقراطية وتوازن القوى في الحكم.
2- التعصب السياسي: قد تؤدي الانتماءات السياسية القوية للأعضاء في الكتل البرلمانية إلى التعصب السياسي، مما يؤثر على مصلحة الشعب والبلد بشكل عام.
3- الفساد: يمكن أن تتحول الكتل البرلمانية إلى وسيلة للفساد، حيث يتم تحقيق مكاسب شخصية على حساب مصالح الشعب.
4- عدم تحقيق الأهداف المشتركة: يمكن أن تفشل الكتل البرلمانية في تحقيق أهدافها المشتركة وتقديم حلول فعالة للمشكلات، مما يؤدي إلى فشل النظام بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكتل البرلمانية قد تواجه تحديات أخرى مثل عدم توافق الرؤى السياسية والانقسامات الداخلية، مما يؤثر على قدرتها على تحقيق أهدافها بشكل فعال.
وفي 25 جويلية  2021، قام رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد بإعلان حالة الطوارئ وتجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، مشيرًا إلى أن الخطوة جاءت في إطار محاربة الفساد والتعصب السياسي وتحقيق الاستقرار في البلاد. وهذه الخطوة أثارت جدلا واسعًا في تونس وخارجها، وتم اتهام الرئيس بانتهاك الدستور والإفراط في صلاحياته. يمكن القول إن أزمة الكتل البرلمانية في تونس تعكس الصراع السياسي والانقسامات العميقة في البلاد، وتؤثر على قدرتها على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي. ومن المهم أن يتم العمل على تقوية المؤسسات الديمقراطية وتحسين الحوار السياسي بين الأحزاب والكتل البرلمانية، من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية في تونس. مع ذلك و رغم الفشل المتكرر لنظام الكتل إلى أن البرلمان التونسي الجديد مصر على اعتماد هذا النظام و يمكن أن يعود ذلك إلى عدة عوامل، من بينها:
1- قدرة النظام الحالي على توفير استقرار داخل البرلمان: قد يعتقد النواب أن نظام الكتل سيساعد في توفير الاستقرار داخل البرلمان، وهو ما يعتبره البعض ضرورياً لتحقيق التقدم والإصلاح في البلاد.
2- تقليص الفوضى وزيادة الانضباط داخل البرلمان: يعتبر نظام الكتل وسيلة لتنظيم الأحزاب والنواب داخل البرلمان، وهذا يمكن أن يساعد في تقليص الفوضى وزيادة الانضباط داخل البرلمان.
3- الارتباط بالتجربة الدولية: يمكن أن يعتقد النواب أن نظام الكتل هو نظام متبع في العديد من البرلمانات الدولية، وبالتالي فإن اعتماده سيساعد في تقوية البرلمان وتحسين عمله.
ومع ذلك، يجب أن يتم التذكير بأن نظام الكتل قد أظهر فشله في العديد من البلدان، مثل  لبنان: اعتمد لبنان نظام الكتل منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1943، ولكنه يواجه الآن أزمة سياسية واقتصادية خانقة بسبب التجاذبات بين الكتل السياسية المختلفة. إسرائيل: يعتمد نظام الكتل في إسرائيل، ولكن الكتل السياسية المتناحرة أدت إلى عدم الاستقرار السياسي والتعقيدات في تشكيل الحكومة. إيطاليا: تشهد إيطاليا نظام كتل سياسية منذ الحرب العالمية الثانية، ولكنها تعاني من العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بسبب الصراعات الدائرة بين الكتل السياسية.
يجب الإشارة إلى أن نظام الكتل ليس هو السبب الوحيد للفشل في الإدارة السياسية، ولا يمكن تحميله المسؤولية الكاملة عن الصعوبات التي تواجه بعض الدول.
ومع ذلك، فإنه يمكن أن يزيد من التوترات السياسية ويصعب عملية صنع القرار في الحكومة. وأنه قد يؤدي إلى تقسيم البرلمان وعرقلة عملية صنع القرار، وبالتالي يجب على البرلمان التونسي الجديد النظر في أنظمة أخرى قد تكون أكثر فعالية وتساعد على تحقيق الاستقرار والتقدم في البلاد يجب الإشارة إلى أن كل نظام له مزاياه وعيوبه، ولا يوجد نظام مثالي للجميع، ولذلك يتعين على الدول اختيار النظام الذي يتوافق مع ثقافتها وتقاليدها وظروفها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

nexus slot

garansi kekalahan 100