اللقاء الذي سبّب انقساماً في حركة فتح.. كواليس تهديدات بلينكن لأبو مازن في الأردن

كشفت مصادر مطلعة من داخل السلطة الفلسطينية وحركة فتح لـ”عربي بوست”، أنّ ضغوطات وتهديدات أمريكية مورست على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على خلفية التصريحات التي أدلى بها.

وكان عباس قد طالب في تصريحات سابقة بـ”ضرورة توفير الحماية لأبناء شعبنا”، مؤكداً على “حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه في مواجهة إرهاب المستوطنين وقوات الاحتلال”.

بعد التهديدات الأمريكية، خرج محمود عباس في تصريح لوكالة الأنباء الفلسطينية وصرح أن “سياسات وأفعال حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني.. وأن منظمة التحرير هي التي تمثل الشعب الفلسطيني”.

وأضافت المصادر نفسها أن تراجع عباس عن تصريحاته، استجابةً للطلب الأمريكي، تسبب في تزايد الخلافات داخل حركة فتح رفضاً لموقف الرئيس من تبنيه للرواية الإسرائيلية والأمريكية، التي أدان من خلالها حماس وحمّلها مسؤولية انفجار الأوضاع في قطاع غزة.

لقاء عباس وبلينكن

كشفت مصادر “عربي بوست” أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، هدد محمود عباس في العاصمة الأردنية خلال لقائه به في عمان قبل عدة أيام، وطالبه بضرورة إدانة ما قامت به حماس.

وقالت المصادر نفسها إنّ بلينكن أخبر عباس أنّه إذا لم تتم إدانة أفعال حماس الأخيرة، فإنّ عقوبات جسيمة ستقع على السلطة، منها رفع الغطاء والدعم السياسي عن عباس واستبداله بشخصية أخرى.

كما هدد بلينكن أثناء اجتماعه بعباس أنّه سيتم قطع الرواتب عن السلطة الفلسطينية، والقيام بفرض تغييرات سياسية داخل السلطة الفلسطينية، ومنها إبعاد الشخصيات المقربة من الرئيس عباس.

غضب داخل حركة فتح

وخلفت هذه التصريحات ردود أفعال غاضبة داخل حركة فتح، والقواعد بالضفة الغربية، وعلى مستوى المجلس الثوري وبعض من أعضاء اللجنة المركزية للحركة.

واعتبر الغاضبون أنّ تصريحات عباس لم تكن مناسبة في توقيتها، الأمر الذي أدى إلى حذف الإشارة إلى حركة حماس من التصريح المنشور على وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.

وأكدت مصادر في حركة فتح لـ”عربي بوست” أنّ الرئاسة الفلسطينية أصدرت قراراً وتعميماً داخلياً، طالبت من خلاله المسؤولين في السلطة ومنظمة التحرير وحركة فتح بعدم الإدلاء بأية تصريحات إعلامية، وذلك حتى لا تؤدي إلى إحراج القيادة الفلسطينية على المستوى الداخلي والدولي.

جاء هذا القرار على خلفية تصريحات أدلى بها عضو اللجنة المركزية للحركة عباس زكي، التي شكر فيها المقاومة ومجّد بطولاتها بعملية “طوفان الأقصى”.

كما أشاد زكي في تصريحات عبر قناة الميادين بعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها “كتائب القسام” والمقاومة بغزة، مؤكداً أنّها أحدثت حالة من النهوض الفلسطيني.

كما وجّه زكي الشكر لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وسرايا القدس (الجهاد الإسلامي)، على الاستعدادات التي قامت بها لتنفيذ العملية بنجاح.

تصريحات القيادي في حركة فتح عباس زكي، وهو أحد أبرز قيادات حركة فتح في الضفة الغربية، أغضبت الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خاصة أنها أحدثت حراكاً على مستوى القواعد الشعبية وأقاليم الحركة.

وأشارت المصادر إلى أنّ أعضاءً داخل الحركة اعتبروا اللقاء بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والرئيس عباس فاشلاً، منوهة إلى أنّ القيادة الفلسطينية تورّطت بمشروع السلام، والشعب الفلسطيني أكبر من قيادته.

المصادر المقربة من حركة فتح أكدت بدورها أنّ خلافات وانقسامات عميقة في أوساط حركة فتح على مستوى اللجنة المركزية، حول خلفية عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها “كتائب القسام” والمقاومة الفلسطينية بغزة.

أصوات مؤيدة لحماس

وتتجلى هذه الخلافات، حسب المصدر نفسه، على مستوى تأييد ما جرى أو على مستوى تصدير موقف معلن لها، وتشير المصادر أيضاً أنّ أعضاء المجلس الثوري لفتح بغالبيته يؤيدون بشكل كبير ما قامت به حماس والمقاومة الفلسطينية.

وكشف عضو المجلس الوطني الفلسطيني عمران الخطيب في تصريحات خاصة لـ”عربي بوست”، أنّ وزير الخارجية أنتوني بلينكن طالب الرئيس الفلسطيني أثناء لقائه الأخير في عمان بإدانة ما قامت به حماس من عمليات عسكرية ضد إسرائيل في محيط غزة.

الأمر الذي قوبل برفض من عباس، بحسب تأكيد الخطيب، حيث عمد الرئيس الفلسطيني إلى إصدار تصريحات تؤكدّ إدانته رفض قتل المدنيين من الجانبين والدعوة لإطلاق سراح المدنيين والأسرى والمعتقلين من الجانبين، وهذا ما أشارت إليه وكالة “وفا” في نسختها الثانية لتصريحات الرئيس الفلسطيني.

ويكشف الخطيب أنّ السلطة الفلسطينية تركز جهودها حالياً على المستوى الدولي والعربي للمطالبة بفتح ممرات إنسانية لقطاع غزة، وضرورة التأكيد على فتح معبر رفح لتمرير الغذاء والدواء لسكان القطاع.

من جهته قال عضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية مأمون التميمي لـ”عربي بوست” إنّ بلينكن طالب عباس إصدار بيان شديد اللهجة يدين به حركة حماس.

وطالبه أيضاً، حسب المتحدث، بـ”التحالف ضد حماس واعتبارها تنظيماً إرهابياً خطيراً بمستوى خطورة “داعش”، ويجب التحالف ضده من أجل استئصاله قبل أن يستفحل أكثر مما هو عليه الآن فيُشكل خطورة أكبر”.

فجاء بيان عباس، حسب المتحدث، ليُدين ما فعلته حماس وما فعلته إسرائيل، وقتل المدنيين من الطرفين، كما أنه عدّل تصريحاته المنشورة بوكالات الأنباء الفلسطينية بشأن حركة حماس.

وأضاف المتحدث أنّ الرئيس محمود عباس سعى إلى عدم إحداث شرخ في الجبهة الداخلية للحركة، كما عمد إلى إرضاء القواعد الشعبية للحركة على مستوى الأقاليم والمجلس الثوري لفتح.

ويكشف التميمي أنّ محمود عباس أخبر وزير الخارجية الأمريكي أثناء لقائه به أنّه لا يستطيع إصدار بيان شديد اللهجة تجاه حماس وتصنيفها على أنّها منظمة إرهابية، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في الضفة والقطاع.

ويؤكدّ التميمي أنّ الرئيس الفلسطيني طالب وزير الخارجية الأمريكي بشكل واضح بضرورة إيقاف العدوان على غزة والضغط على إسرائيل أولاً لفتح الممرات الإنسانية ووقف حصار غزة.

كما حمّل عباس أثناء لقائه ببلينكن، حسب المتحدث، الولايات المتحدة مسؤولية حرب الإبادة للشعب الفلسطيني، وأخبره أن أمريكا هي الداعم الأول لإسرائيل.

ويشير التميمي إلى أنّه لدى مطالبة وزير الخارجية الأمريكي الرئيس الفلسطيني بمناشدة حماس بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ردّ أبو مازن عليه قائلاً: “أنا أطلب من الإدارة الأمريكية إصدار بيان تطالب فيه إسرائيل بوقف الحرب ضد غزة، والسماح بالممرات الإنسانية، ووقف سياسة التهجير”.

nexus slot

garansi kekalahan 100