تغييرات على ملف الهجرة.. المعارضة البولندية في طريقها للفوز

بعد أن انتهى الناخبون في بولندا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية يوم الأحد، كشفت نتائج استطلاعات الرأي فوز المعارضة الليبرالية بأغلبية برلمانية، متغلبة على القوميين واليمين المتطرف، الأمر الذي قد تكون له تبعات على سياسة الهجرة، في ظل استمرار محاولات العبور من بيلاروسيا المجاورة.

في نتيجة غير متوقعة، كشفت نتائج استطلاعات الانتخابات التشريعية في بولندا، يوم الاثنين، حصول الأحزاب المعارضة على 248 مقعدا في مجلس النواب المكون من 460 مكانا، أي الأغلبية في البرلمان تذهب إلى الائتلاف المدني بقيادة دونالد تاسك (31%) والطريق الثالث (%13,5) واليسار (%8,6).

فيما حصل حزب القانون والعدالة القومي المحافظ الحاكم بزعامة ياروسلاف كاتشينسكي على أقل من 200 مقعد، وفقا لمعهد “إيبسوس”، ما ينهي فترة حكمه التي استمرت على مدى الأعوام الثمانية الماضية.

ووصفت المعارضة هذه الانتخابات بأنها “الفرصة الأخيرة” لإنقاذ الديمقراطية، فيما يُتهم حزب القانون والعدالة بتقويض الضوابط والتوازنات الديمقراطية وتسييس المحاكم واستخدام وسائل الإعلام المملوكة للدولة في دعايته الخاصة وإثارة الكراهية للمثلية الجنسية.

وبانتظار صدور النتائج الرسمية، يتعين على دونالد تاسك وحلفائه تشكيل حكومة جديدة.

وتصدر ملف الهجرة الحملات الانتخابية، إذ تعهد حزب القانون والعدالة، الذي يتولى السلطة منذ 2015، في حملته بإبعاد المهاجرين عن بولندا، قائلا، إن ذلك أمر حيوي للأمن القومي.

فيما كان عاش حزب العدالة والقانون بزعامة اليميني المحافظ ياروسلاف كاتشينسكي، هزة سياسية على وقع “فضيحة منح تأشيرات لمهاجرين من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط على أسس كاذبة”، وُصفت بأنها الأكبر في بولندا، لا سيما وأن الحزب يسوق نفسه كجزء من تيار أوروبي يميني متشدد حيال اللجوء والهجرة إلى بولندا والقارة الأوروبية.

وطالت الفضيحة نائب وزير الخارجية البولندي بيوتر وارزيك، الذي كان مسؤولا عن القنصليات البولندية حول العالم، وكان يتدخل شخصيا لتسريع منح البعض ممن تقدم للحصول على التأشيرات، الفردية والجماعية. وكانت تحدثت مصادر خاصة لـ”بيلد” و”دويتشه فيله” الألمانية عن منح نحو 350 ألف تأشيرة مقابل رشى مالية. إذ كان يتقاسم مسؤولون بولنديون مع مهربي بشر ما بين 4 إلى 5 آلاف دولار عن كل شخص يجري منحه تأشيرة عمل، بحسب الإعلام البولندي.

وفي اوت الماضي، أجرت الحكومة استفتاء من أربعة أسئلة حول أهم القضايا التي تشغل البولنديين، وكان اثنان منها يتعلقان بالهجرة، إذ سُأل البولنديون عن سياسة الهجرة الأوروبية وعما إذا كانوا يعارضون إزالة السياج الحدودي الذي أقيم على طول الحدود المشتركة مع بيلاروسيا، بالتزامن مع توافد أعداد كبيرة من المهاجرين المتحدرين من الشرق الأوسط في صيف العام 2021.

19 ألف محاولة عبور خلال هذا العام

وفي اوت الماضي، وجهت بولندا اتهامات لبيلاروسيا وروسيا بترتيب موجة هجرة كبرى جديدة لزعزعة الاستقرار على الحدود.

ومنذ مطلع العام الجاري، حاول 19 ألف مهاجر دخول بولندا، حسب تصريحات رئيس وحدة حرس الحدود البولندي توماش براغا، بالمقارنة مع 16 ألفا خلال عام 2022. وأشار إلى تسجيل “رقم قياسي” في جويلية، مع محاولة أكثر من 4 آلاف شخص عبور الحدود.

تستنكر المنظمات الإنسانية السياسة التي كانت تنتهجها الحكومة على الحدود، منددة بالتعامل “العنيف” مع المهاجرين وحظر دخول وسائل الإعلام والعاملين الإنسانيين من العمل على الشريط الحدودي، رغم وقوع وفيات ناجمة عن ظروف العبور والبرد الشديد في المنطقة.

ألكسندرا كرزانوفسكا، عضوة في جمعية “التدخل القانوني”، تأمل بأن يفضي المشهد السياسي الجديد إلى تغييرات إيجابية، قائلة “نأمل بشكل خاص ألا يتم تجريم أنشطتنا كما حصل خلال العامين الماضيين”.

لكنها أضافت “يتعين علينا أن نظل حذرين: فتشكيل الحكومة الجديدة سوف يستغرق وقتاً طويلاً، ولست متأكدة من أن سياسة الهجرة سوف تتغير جذريا”. وتعتقد الناشطة بأن الحكومة الجديدة ستحافظ على الجدار الحدودي، وأبدت شكوكها مما إذا كانت السلطات ستوقف عمليات صد المهاجرين على الحدود.

وبحسب الناشطة، عززت السلطات منذ عدة أسابيع هذا الحاجز الحدودي بأسلاك شائكة إضافية في أماكن معينة. “مما يجعل العبور أكثر خطورة مما هو عليه الآن. ونحن نعلم أن الجدار أو الأسلاك الشائكة لا تمنع المهاجرين من سعيهم إلى المنفى. لكن ذلك يجعل الأمر أكثر خطورة”.

عنف وإصابات متزايدة

تتحدث الجمعيات عن الإصابات التي يتعرض لها المهاجرون الذي يحاولون العبور، وتحذر كرزانوفسكا من الزيادة في عدد هذه الحوادث مشيرة إلى أن الكثير يعاني من “كسور في الحوض والساقين، وأحيانا في العمود الفقري، بسبب سقوطهم من أعلى الجدار الحدودي”. كما تسبب الأسلاك الشائكة “جروحا عميقة”.

وتشهد الجمعيات أيضا “تكثيفا للعنف من جانب حرس الحدود البولنديين، إلى مستوى لم يتم الوصول إليه من قبل”.

مهاجرون يحاولون عبور الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، والقوات البولندية تتصدى لهم (8/11/2021)
مهاجرون يحاولون عبور الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، والقوات البولندية تتصدى لهم (8/11/2021)

قبل بضعة أيام، تمكنت ألكسندرا كرزانوفسكا من التحدث مع مجموعة صغيرة من السوريين، الذين حاولوا بالفعل مرتين دخول بولندا عبر بيلاروسيا. وعندما وصلوا إلى الأراضي البولندية، رصدهم الجنود على الفور، حيث “تعرضوا للضرب المبرح، وكُبلت أيديهم خلف ظهورهم، وأُلقي بهم في سيارة”.

لم يتمكن المهاجرون من طلب اللجوء، بحسب شهادتهم، “لأن وجوههم سُحقت على الأرض أو على المقاعد من قبل الجنود”. وتقول كرزانوفسكا إن المهاجرين “كانوا يعانون من أجل التنفس”. وعندما وصلوا إلى أمام الجدار الحدود، “فتحوا (الجنود) باب، وألقوا المهاجرين على الجانب الآخر”.

nexus slot

garansi kekalahan 100