الموساد يكشف وثائق سرية: “معلومة ذهبية” غيّرت وجه حرب أكتوبر 1973

بعد 50 عاماً على حرب أكتوبر 1973، التي تُطلق عليها إسرائيل اسم “يوم الغفران”، كشف جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد“، صورة لأشرف مروان، صهر الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر ولاحقاً مستشار الرئيس أنور السادات، خلال لقائه مع “مشغّله” الذي حمل اسم “دوبي”، وذلك في إطار كتاب أصدره الموساد تحت عنوان “ذات يوم عندما يُسمح بالحديث” ويتحدث عن دور الجهاز الاستخباري قبل وخلال الحرب.

ويكشف الكتاب عن دور مروان وما وصفت بأنها “المعلومة الذهبية” التي قدّمها لإسرائيل في حينه وغيّرت وجه الحرب.

واختلفت الروايات بشأن أشرف مروان الذي تطلق إسرائيل عليه اسم “الملاك” بين كونه عميلاً لإسرائيل، أو جاسوساً مصرياً يسعى لتضليل إسرائيل أو عميلاً مزدوجاً لكل من مصر وإسرائيل. وتصّر إسرائيل على أنه من أهم جواسيسها، وهو ما أكد عليه من جديد رئيس الموساد الحالي ديفيد (ددي) برنيع، في حديثه خلال مراسم إطلاق الكتاب، أمس الخميس.

ويشير الكتاب إلى أنّ مروان هو من نقل إلى رئيس الموساد في حينه تسفي زامير، التحذير من الهجوم المشترك لجيشي مصر وسورية في الليلة التي سبقت اندلاع الحرب عام 1973.

ويعرض الكتاب، لأول مرة، صوراً ومحاضر ولقاءات عُقدت بين زامير ومروان وصورة “الملاك” بجوار “دوبي” والعديد من الوثائق الأخرى.

ويشير الموساد في الكتاب إلى دوره “التاريخي” قبل الحرب وبعدها، ودور “الملاك” في كشف استراتيجية الرئيس المصري في حينه أنور السادات.

وهذه المرة الأولى التي يبادر فيها جهاز التجسس الإسرائيلي إلى نشر دراسة رسمية غنية بالوثائق حول ما حدث، وتشمل معلومات كانت محفوظة في معظمها حتى اليوم في الأرشيف السري للتنظيم، بما فيها اقتباسات من رسائل وأقوال جواسيسه.

كما كشف الموساد في الكتاب علنًا ولأول مرة معلومات عن التغيير الذي حدث في التصوّر المصري في ما يتعلق بالشروط المطلوبة لخوض الحرب، منها اقتناء طائرات هجومية متقدّمة وصواريخ أرض-أرض بعيدة المدى.

واشتُق اسم الكتاب على ما يبدو، من عبارة قالتها رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير عام 1971 لرئيس الموساد في حينه تسفي زامير، بعد أن عرفت هوية مصدر معلومات الموساد في صفوف القيادة المصرية. وقالت مائير لزامير في حينه “ذات يوم عندما يُسمح بالحديث، أنت وأصدقاؤك ستحصلون على جائزة”.

رمز التحذير

وبحسب الكتاب الذي نشره الموساد، فإن مشغّل أشرف مروان استقبل رسالة مفادها بأنّ “المصدر يطلب لقاءه بأسرع وقت”، وذلك “من أجل تمرير رسالة ذات أهمية بالغة”. وخلال ساعات سافر رئيس الموساد بنفسه إلى لندن حيث التقاه هناك.

ويتضح من الكتاب أنه في الليلة الواقعة بين 4- 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، حصل “دوبي” مشغّل “الملاك” (أشرف مروان) على بلاغ بأنّ المصدر المصري الكبير يريد لقاءه في أسرع وقت، وكُتب في البلاغ أن “الأمر يتعلق بقائمة المواد الكيميائية التي بحوزته”.

وكانت “المواد الكيميائية” هي الرمز الذي اتفق عليه أشرف مروان ومشغّله، بشأن التحذير من الحرب.

وتبيّن المحاضر أنّ اللقاء أشار بنسبة 99% إلى أنّ الحرب ستنشب في “يوم الغفران”، بحسب التسمية الإسرائيلية.

وكشف مروان خلال اللقاء، الذي بدأ في 5 أكتوبر/ تشرين الأول في الساعة 23:45 واستمر حتى 2:00 بعد منتصف الليل، أنّ المصريين يعتزمون اجتياز قناة السويس إلى سيناء، بحسب ما ورد في كتاب الموساد.وقال مروان إنّ “الخطة تنص على انتهاك وقف إطلاق النار من قبل المدفعية والقوات الجوية ومن ثم اجتياز القناة”، مضيفاً أنه “سيتم العبور من خلال خمسة أو ستة جسور”، وأنّ “النية هي السيطرة على منطقة لا يزيد عمقها عن 10 كيلومترات”، فيما لا نية للاستيلاء على المواقع العسكرية.

كما أضاف مروان، بحسب الكتاب، أنّ السوريين سيسعون للسيطرة على  أكبر قدر ممكن من المناطق في هضبة الجولان السوري المحتل حتى اليوم. ونقل معلومات بشأن هجمات سلاحي الجو في الجيشين المصري والسوري.

وقال، في اللقاء مع رئيس الموساد، إنّ “سلاح الجو المصري سيهاجم أهدافاً في سيناء” وإنه “لن يقصف العمق الإسرائيلي”، فيما “سيهاجم سلاح الجو السوري ثلاث قواعد عسكرية، إحداها قاعدة رمات ديفيد” الجوية.

وأضاف: “في الماضي أرسلت أيضاً حول القاعدتين العسكريتين الأخريين. ستشارك (أي في القصف) طائرات سوخوي 20 وميغ 21. سيحاولون ضرب الطرق”.

وكان مروان قبل ذلك قد حذر إسرائيل من اقتراب حربين لم تحدثا، في نهاية 1972 وفي إبريل/ نيسان 1973. وأُعلنت في أعقاب التحذير الثاني حالة الاستنفار في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

بعد نحو نصف ساعة من نهاية اللقاء ذاك، أرسل زامير إلى كبار المسؤولين في إسرائيل برقية مفادها بأنّ “المصريين يهاجمون غداً”. وبدأت الحرب بالفعل في اليوم التالي، بتأخير ساعتين عن الساعة التي قدّرها مروان.

وساهمت البرقية في تحريك جيش الاحتلال الإسرائيلي واستعداده، الأمر الذي لعب دوراً مصيرياً في استعداد الأخير للحرب.

“المعلومة الذهبية”

كما نشر الموساد، أمس الخميس، ما أطلق عليها “المعلومة الذهبية” التي تم تلقّيها في 12 أكتوبر/ تشرين الأول، بعد 6 أيام من بدء الحرب.

وبحسب رواية الموساد، فإنه في ذلك التاريخ، عندما كان وضع جيش الاحتلال الإسرائيلي سيئاً جداً على الجبهة الجنوبية مع مصر، بحث قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في جلسة صاخبة، خطة لعبور قناة السويس.

من الشهر نفسه. وبناء على تلك المعلومة تغيّرت الخطة الاسرائيلية، وبدلاً من عبور القناة، تقرر نصب كمين للجيش المصري.

وعُرض فيلم كجزء من إطلاق الكتاب، تحدث زامير في مقطع منه عن تلك المعلومة ودورها في تغيير وجه المعركة.

وقال زامير: “معلومة واحدة ذات أهمية بالغة جعلتنا نعرف بأنّ المصريين يعتزمون عبور القناة. انتظرنا ذلك 10 أيام وتوقعناه، لعلمنا بأنّ لدينا الأفضلية بسبب المعلومة في معركة التحرك ضد المدرعات المصرية”، مضيفاً أنه استعرض المعلومة خلال جلسة بحضور قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الإسرائيلي وقائد هيئة الأركان، الذين وصلوا للتوصية بعبور القناة، لكن هذه المعلومة “غيّرت وجه الحرب”، لصالح إسرائيل، التي استبدلت قرار العبور بنصب كمين للمصريين.

nexus slot

garansi kekalahan 100