سجن بريطانيا العائم للمهاجرين

مع استعداد بريطانيا لإسكان 500 شخص من طالبي اللجوء، على متن بارجة عائمة في البحر، تحتوي على غرف سكنية ومرافق، ‏وتحمل اسم “بيبي ستوكهولم”، تثار تساؤلات حول هذا المجمع المحمول بحرا، وتاريخه، في ظل وصفه من قبل حقوقيين بـ”السجن ‏العائم”.‏

ورغم أن البارجة صنعت لأغراض توفير المأوى للعمال في آبار النفط والغاز والمحطات العائمة في البحر، ليكونوا قريبين منها، إلا ‏أن لها تاريخا ومحطات مع المهاجرين في عدة دول.‏
ويتوقع أن يشكل 50 شخصا أول مجموعة من المهاجرين، على متن البارجة الراسية في بورتلاند، جنوب إنكلترا، رغم اعتراض ‏السكان‎.‎

وتأتي الخطط الجديدة في ظل تفكير حكومة ريشي سوناك في إحياء نقل طالبي اللجوء الذين فشلت طلباتهم إلى جزيرة أسنشين فيما قالت ‏الحكومة البريطانية، إن من سيمكثون في “بيبي ستوكهولم”، سيتحركون بحرية، وسيكون بمقدروهم الذهاب إلى بورتلاند.‏

ونستعرض في هذا التقرير، تفاصيل كاملة عن تاريخ البارجة والحوادث المأساوية التي وقعت على متنها.‏

متى صنعت ومن يملكها؟

يعود تاريخ صناعة البارجة إلى العام 1976، وقامت بصناعتها شركة “نيذرلاند سكيبسبو”، الهولندية ومقرها أمستردام، كمنصة إقامة ‏عائمة للعمال في البحار، ووفقا للتصنيف البحري، تأتي في خانة “فندق عائم” وتحمل علم “باربادوس” على ظهرها.‏

لكن المالك للبارجة هي شركة “بيبي لاين” ومقرها ليفربول ببريطانيا، وهي المشغل لها، وكانت تحمل اسمين سابقا هما “فلوتال ‏ستوكهولم” و”داينو 1″، وبقيت تحمل الاسمين حتى العام 1995، لكنه تغير منذ العام 1996 إلى “بيبي ستوكهولهم” وفقا لموقع مراقبة السفن العالمية “باليستيك شيبينغ“.‏

وللشركة المالكة والمشغلة للبارجة، تاريخ في قطاع النقل هذا والخدمات البحرية، والتي أسست عام 1807، على يد جون بيبي، في ليفربول، وتسلم العمل بعد ‏مقتله عام 1840 اثنان من أبنائه، هما جيمس وجون.‏

وفي وقت مبكر، ارتبط اسم الشركة، بعمليات نقل البضائع بين أوروبا وأمريكا الجنوبية، وحمل المواد المنتجة في المزارع التي ‏تستخدم العبيد، وتقوم بمعاملات وتتعامل ضمن الاقتصادات القائمة على الرقيق بحسب وثائق متحف ليفربول.‏

ومطلع القرن العشرين، عملت سفن الشركة، كمستشفيات ووسائل نقل بحرية بريطانية خلال الحرب العالمية الأولى، ويضم مجلس إدارة ‏الشركة عضوين مباشرين من العائلة، هما السير مايكل جيمس بيبي وشقيقه الأصغر جيفري بيبي.‏

ما الذي تحويه البارجة؟

بحسب التفاصيل التي نشرتها الشركة المالكة، فإن “بيبي ستوكهولم”، عبارة عن بارجة عائمة بلا محرك، تقوم سفن جر الناقلات بسحبها وتحريكها.

وتتألف البارجة من ثلاثة طوابق، تحتوي على ‌‏222 غرفة، من المقرر أن تستوعب عددا إجماليا يصل إلى 506 أشخاص، وهي عبارة عن غرف نوم بها حمامات داخلية، فضلا عن مجموعة ‏مرافق، مثل غرف جلوس وترفيه، وغرف لاستخدام الإنترنت والحواسيب بشكل عام، ومرافق للياقة البدنية.‏

وتقول الشركة إنها صممت الغرف من أجل راحة العمال، وتحتوي كل غرفة على شاشة تلفزيون وسريرين، بالإضافة إلى نوافذ كافة ‏غرف النوم.‏

أما البارجة من الخارج، فهي بطول 93.44 متر، وعرض 27.43 متر، وبعمق 6.1 متر بالماء، في حين أن حمولتها الصافية تبلغ ‌‏3,197 طنا، أما الحمولة الإجمالية فتبلغ 10,659 طنا بحسب مخطط بيانات البارجة.‏

Image1_8202399655503391386.jpg
Image2_8202399655503391386.jpg

تاريخ مع المهاجرين

ورغم عمل البارجة لسنوات في خدمة العمال في البحار، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى مقر احتجاز للمشردين وطالبي اللجوء، ممن ‏يواجهون تعقيدات ورفضا من الدول التي يلجأون إليها. ‏

ولجأت السلطات الألمانية، في العام 1994 إلى الاستعانة بالبارجة، التي كانت سكنا عائما لعمال النفط في هامبورغ، لإيواء طالبي اللجوء ‏والمشردين في الشوارع، بصورة اضطرارية بحسب صحيفة تاز الألمانية آنذاك.

وسمح حينها بإيواء 52 شخصا من المشردين واللاجئين في هامبورغ، بسبب موجة البرد الشديد، وضمن حملة لحماية 500 شخص ‏يقيمون في الشوارع، لكن السلطات استبعدت عددا من الأشخاص من على متنها بسبب عمليات تحقيق في الجريمة والهوية.‏

وفي عام 2005، تحدثت منظمة “ستيت ووتش” الحقوقية البريطانية، في تقرير لها، عن لجوء السلطات الهولندية إلى استخدام بارجتين ‏عائمتين هما “بيبي ستوكهولم”، و”رينو” لاحتجاز طالبي اللجوء.‏

وقال التقرير إن صحفيا تنكر بصفة حارس أمن سري، تمكن من الاطلاع على الوضع داخل البارجة “بيبي ستوكهولم”، وكانت ‏الرعاية الصحية متدنية، والحراس يعاملون المهاجرين بصورة سيئة، وهو ما فجر احتجاجات على متنها.‏

وكشفت منظمات حقوقية هولندية، عن إجراءات أمنية غير مسبوقة، أحيطت بالبارجة، التي كان يودع طالبو اللجوء على متنها، ‏وإحاطة مجسمها بشبك حديدي مرتفع، فضلا عن إحاطة الرصيف الذي ترسو عليه ببوابات حديدية، وأسلاك شائكة تمتد حتى الماء، ‏لمنع أي محاولة من الخروج من المكان إلى روتردام، وكانت تبدو أشبه بقفص حديدي بالكامل كما ظهر في منشور لـ”مركز الإعلام الحر” الحقوقي بهولندا عام 2007.‏

واستمر احتجاز طالبي اللجوء على متن البارجة في روتردام في هولندا، حتى العام 2008، حين قررت الحكومة وقف استخدامها، ‏ونقلهم إلى مركز احتجاز في زيست، بالقرب من مدينة أوتريخت.‏

Image1_8202399438487508179.jpg
Image2_8202399438487508179.jpg
Image3_8202399438487508179.jpg
Image4_8202399438487508179.jpg

مقر للموت

وشهدت البارجة وفاة طالب لجوء جزائري، على متن “بيبي ستوكهولم”، بسبب سوء الرعاية والإهمال الطبي، في شباط/ فبراير عام 2008، ويدعى رشيد عبد ‏السلام، حين كانت ترسو حينها في ميناء روتردام بهولندا.‏

وذكرت منظمة “بوزيتيف أكشن إن هاوسنغ” أن رفاق عبد السلام، أبلغوا الحراس بتدهور حالته الصحية، لكنهم منحوه دواء ‏للإنفلونزا، لكن مع تدهور حالته، تجاهل الحراس نداءات رفاقه المحتجزين معه على متن البارجة، لنقله إلى المستشفى، وبعد ساعتين ‏فتح الحراس باب غرفته، وكان فارق الحياة، بسبب قصور في القلب.‏

ولم يكشف عن وفاته، إلا بعد حين، حين تمكن رفاق له من التواصل مع نواب أثاروا القضية في البرلمان الدنماركي.‏

nexus slot

garansi kekalahan 100