صفقة السلاح مع كوريا الشمالية.. هل وصلت موسكو لمرحلة “اليأس”؟

تعتزم روسيا الحصول على أسلحة من كوريا الشمالية، وهي خطوة يصفها خبراء تحدث معهم موقع “الحرة” بمؤشر على “اليأس” الذي تعاني منه موسكو على الصعيد العسكري وتوفير الذخائر والأسلحة لمواصلة القتال في أوكرانيا.

والثلاثاء الماضي، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، أن مفاوضات الأسلحة بين روسيا وكوريا الشمالية تمضي على قدم وساق.

وحذر سوليفان الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، من أن بلاده ستدفع ثمن تزويد روسيا بأسلحة لاستخدامها في أوكرانيا.

وقبل ذلك، أفادت تصريحات لمسؤولين أميركيين أن كيم يعتزم التوجه إلى روسيا هذا الشهر للقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومناقشة إمداد موسكو بالأسلحة.

ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن كيم سيسافر من بيونغ يانغ، على الأرجح بقطار مصفح، إلى فلاديفوستوك على ساحل المحيط الهادي في روسيا، ليجتمع هناك مع بوتين.

وسيكون الاجتماع مع بوتين هو أول قمة لكيم مع زعيم أجنبي منذ أن أغلقت كوريا الشمالية حدودها في جانفي 2020.

وتسعى روسيا لشراء الذخيرة من كوريا الشمالية لإعادة ملء مخازنها التي استنزفتها حربها في أوكرانيا.

وفي المقابل، من المرجح أن ترغب كوريا الشمالية في الحصول على شحنات من الغذاء والطاقة ونقل تقنيات الأسلحة المتطورة.

ويرى نائب رئيس مركز الأمن الأميركي في واشنطن، فريد فلايتز، إن توجه موسكو نحو بيونغ يانغ، “مؤشر على مدى اليأس الذي يعاني منه الجانبان الروسي والكوري الشمالي”.

ويضيف، فلايتز لموقع “الحرة”، أنه “بالنسبة للروس فقد انخفضت مخزونات الأسلحة والعتاد نتيجة الحرب في أوكرانيا بشكل كبير، أما كوريا الشمالية فتعاني من أزمة غذاء كبيرة”.

ومنذ العام الماضي، اشتبه المسؤولون الأميركيون في أن كوريا الشمالية تزود روسيا بقذائف مدفعية وصواريخ وذخائر أخرى، ومن المحتمل أن يكون الكثير منها نسخا من ذخائر تعود إلى الحقبة السوفيتية.

وفي جويلية  الماضي، سافر وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إلى بيونغ يانغ، وطلب من كيم إرسال المزيد من الذخيرة إلى روسيا، وفقا لمسؤولين أميركيين. وقال شويغو إن موسكو وبيونغ يانغ تدرسان إجراء مناورات عسكرية للمرة الأولى.

ومن غير الواضح إلى أي مدى يمكن أن يصل التعاون العسكري بين كيم وبوتين، لكن زيارة شويغو كانت الأولى لوزير دفاع روسي لبيونغ يانغ، منذ تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991.

ويشير التوجه الروسي نحو كوريا الشمالية وقبلها لإيران من أجل الحصول على أسلحة وذخائر، إلى حجم المعاناة التي يواجهها الجيش الروسي في أوكرانيا.

ومن جانبه، يقول مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون، ريتشارد وايتز إن “الجيش الروسي يعاني من نقص في ذخائر المدفعية والصواريخ ومجالات أخرى تنتج كوريا الشمالية وإيران الكثير منها”.

ويضيف وايتز في اتصال هاتفي مع موقع “الحرة” أن “العقوبات الغربية جعلت من الصعب على روسيا الحصول على مكونات وتقنيات دفاعية من الدول الغربية، مما أجبرها على التحول إلى أماكن أخرى، مثل إيران وكوريا الشمالية”.

ويعاني الجيش الروسي من ضعف القيادة واللوجستيات والروح المعنوية إلى جانب النقص في ذخائر الدبابات والطائرات الحربية والمروحيات، وفقا لوايتز.

وقبل أن تتجه لبيونغ يانغ، كانت موسكو قد استعانت بالفعل بطهران من أجل الحصول على طائرات مسيرة استخدمتها في أوكرانيا.

وفي ذلك السياق، يقول المحلل العسكري، مايكل بريجينت، إن “بوتين وضع الجيش الروسي في موقع جعله بحاجة إلى الطلب من إيران الحصول على طائرات مسيرة لديها معدل فشل بنحو 50 بالمئة، والآن الطلب من كوريا الشمالية صواريخ وذخائر”.

ويرى بريجينت أن هذا الأمر “يوضح مدى يأس وعجز موسكو التي دائما تنفي الحصول على أسلحة من إيران وكوريا الشمالية

ويعتقد بريجينت أن من المهم استغلال هذه المعطيات من أجل “تسليط الضوء على الضعف العسكري الروسي، وأيضا فرض المزيد من العقوبات على كوريا الشمالية وإيران وبالتأكيد الصين”.

ومن المعروف أن شراء الذخائر من كوريا الشمالية سينتهك قرارات الأمم المتحدة، التي تدعمها روسيا، والتي تحظر جميع تجارة الأسلحة مع الدولة المعزولة.

ولكن الآن بعد أن أصبحت روسيا ذاتها تواجه عقوبات دولية وقيودا على التصدير بسبب حربها في أوكرانيا، توجهت للحصول على أسلحة من دول أخرى خاضعة للعقوبات مثل كوريا الشمالية وإيران.

وترى واشنطن أن مثل هذه الاتفاقات في مجال التسلح “ستنتهك قرارات مجلس الأمن” التي تفرض عقوبات على بيونغ يانغ.

ويشير فلايتز إلى أن العقوبات الغربية أثرت بشكل كبير جدا على القدرات العسكرية الروسية وعلى الاقتصاد في البلاد، لكنها في النهاية لم تؤد لعجز الجيش الروسي تماما في أوكرانيا.

ويضيف أن “الجيش الروسي ظل ينتج الأسلحة والذخائر محليا، لكنه عانى من الحصول على تقنيات ومعدات من الخارج”.

ويوضح أن “الصين لم تمنح موسكو الأسلحة التي تريدها، بل أرسلت لها فقط قطع غيار طائرات وأشياء أخرى، لكن ليس أعتدة وذخائر وأسلحة أو قذائف مدفعية”.

ويرى أن “العقوبات الغربية ساهمت في قطع مصادر كثيرة للأسلحة عن روسيا مما جعل كوريا الشمالية هدفا جذابا للروس”.

ويعتقد فلايتز أن “الروس يعانون من نقص في الصواريخ وأحد أسباب ذلك هو عدم قدرتهم الحصول على الرقائق الإلكترونية اللازمة لتصنيعها بسبب العقوبات”.

وبالتالي يؤكد فلايتز أن “أحد الأسباب التي أدت لتحول الروس نحو كوريا الشمالية، هم عدم القدرة على انتاج عدد كبير من قذائف المدفعية في وقت قصير بالتزامن مع الهجوم الأوكراني المضاد، وبالتالي هم يحتاجونها بأسرع وقت ممكن”.

ويقول فلايتز: “لا نعرف مدى كفاءة الأسلحة والاعتدة التي يمكن لروسيا الحصول عليها من كوريا الشمالية، لكن في النهاية، لا أعتقد أنها ستؤثر كثيرا أو تمنح موسكو تقدما ملحوظا في أوكرانيا”.

المصدر : الحرة

nexus slot

garansi kekalahan 100