مكاسب للترضية.. ما هي بنود الاتفاق المحتمل بين كييف وموسكو؟

مع تعثر القوات الروسية في حربها ضد أوكرانيا، وتراكم العقوبات الغربية التي تضرب الاقتصاد الروسي، لفتت صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن الكرملين قد يسعى للوصول إلى اتفاق بعد الحصول على بعض المكاسب للترضية.

في بداية الأسبوع الحالي، تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن وجود “أمل في الوصول لحل وسط”. بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في خطاب بالفيديو، إن الروس أصبحوا “أكثر واقعية” على طاولة المفاوضات.

لكن الصحيفة الأميركية أكدت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يتحدث بصفته رجل سلام. ففي هذا الأسبوع، وصف الروس الذين عارضوا الحرب بـ “الخونة” و”الحثالة”، بينما كان يحاول تصوير الحرب على أنها لا تقلّ عن صراع من أجل بقاء روسيا.

لكن كيف سيكون شكل الصفقة في حال توصّل الطرفان إلى اتفاق؟

رأت الصحيفة أن روسيا ستصر على مطلب حياد أوكرانيا، إذ تعتبر موسكو أن أحد أسباب الحرب هو رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى الغرب، ورغبتها في الازدهار وتقرير المصير من خلال العضوية في الناتو والاتحاد الأوروبي، مع وجود مخاوف كبيرة من أن الانفتاح الدبلوماسي الروسي هو حيلة لكسب الوقت لجمع التعزيزات لهجوم في المرحلة الثانية.

وأضافت أن الديمقراطية المزدهرة المرتبطة بالغرب على حدود روسيا بخاصة في أوكرانيا، التي يوجد فيها الكثيرون ممن يتحدثون الروسية، يمكن أن تكون نموذجًا مغريًا للشعب الروسي، مما يهدد قبضة بوتين الاستبدادية.

وفي المقابل، ستطالب كييف بالحصول على ضمانات أمنية غربية بأن القوى الغربية ستقدّم لها المساعدة إذا تعرضت للتهديد مرة أخرى، لأنه بالنسبة لها أي تعهد بالحياد سيحتاج على الأرجح إلى اعتراف روسيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه ربما تكون هذه هي النقطة الأكثر صعوبة بالنسبة لموسكو، لأنها ترقى إلى مستوى القبول التكتيكي لمشاركة الناتو في الدفاع المستقبلي عن أوكرانيا. ويمكن أن تقبل روسيا بذلك إذا تمّ وضع بند يحد من أنواع الأسلحة المقدمة لأوكرانيا.

أما النقطة الثالثة في الاتفاق فستدور حول شبه جزيرة القرم وما يُعرف باسم “جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك” الانفصاليتين. وبدأت الحرب في أوكرانيا بالفعل منذ حوالي عقد من الزمان، عندما وقّعت أوكرانيا، بعد انتفاضة عامة أطاحت بالرئيس من منصبه، اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي ورفضت الحصول على قرض من روسيا.

ورد الكرملين الغاضب بغزو شبه جزيرة القرم وضمها، بينما رعى وأرسل وكلاء للاستيلاء على لوغانسك ودونيتسك في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا.

وبصفتها مقدمة للهجوم على أوكرانيا، اعترف بوتين باستقلال هاتين المقاطعتين الانفصاليتين. وقد تطالب روسيا باعتراف كييف والمجتمع الدولي بضمّها لشبه جزيرة القرم، فضلًا عن السيطرة الروسية الفعلية على شرق دونباس شروطًا للتسوية، وهي مطالب يرفضها الأوكرانيون.

وجادل الأكاديميان أرفيد بيل ودانا وولف في موقع “روسيا ماترز” التابع لجامعة هارفارد، بأن أوكرانيا يمكن أن تذعن للنقاط الرئيسة مع الحفاظ على السيادة.

وأكدا أن الموافقة على الحياد، الذي ستفرضه على نفسها، سيتطلب التخلي رسميًا عن حلمها في الانضمام لحلف الناتو. وقد أشار زيلينسكي بالفعل إلى أنه على استعداد لقبول هذه النقطة الرئيسة، معترفًا علنًا هذا الأسبوع بأن عضوية الناتو ليست مطروحة. وسوف يرغب الروس في الحصول على هذا التأكيد كتابيًا، وقد يحتاجون إلى تعديل دستوري لضرب طموحات كييف في الناتو.

أسوأ السيناريوهات

ويجادل بيل وولف بأنه في أسوأ السيناريوهات، قد تضطر أوكرانيا أيضًا إلى الاعتراف بشبه جزيرة القرم باعتبارها جزءًا من روسيا، واستقلال لوغانسك ودونيتسك. وقد يُطلب من “قوات حفظ السلام” الروسية البقاء في دونباس، على عكس إصرار كييف على أنه يجب على روسيا أن تسحب كل جندي من حدودها.

وعلى الرغم من معارضتها المعلنة، يرى بعض المراقبين أن أوكرانيا على استعداد لقبول صفقة بشأن شبه جزيرة القرم والشرق، طالما أنها تعني انسحابًا أوسع للقوات الروسية وضمانات أمنية دولية.

وقال الأكاديميان إنه سيكون من الصعب على الشعب الأوكراني قبول مثل هذه الصفقة، لكن زيلينسكي، الذي أصبح ينظر إليه على أنه بطل في أوكرانيا وخارجها، لديه المكانة الكافية لإقناع شعبه بهذا الاتفاق.

أما السيناريو الأسوأ بالنسبة لروسيا، فهو قبول بوتين بالهزيمة، والموافقة على سحب جميع القوات من أوكرانيا، بما في ذلك القوات الموجودة في دونباس، والتراجع عن اعتراف موسكو باستقلال دونيتسك ولوغانسك، كما ستبقى شبه جزيرة القرم جزءًا من روسيا لكنها ستكون منزوعة السلاح. وسيُسمح لأوكرانيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي، لكنها لن تنضم للناتو.

في المقابل، سيرفع الغرب جميع العقوبات المفروضة على روسيا، ويوافق على إجراء محادثات أمنية مع موسكو حول مستقبل الأمن والدفاع في أوروبا.

ومع ذلك، يرى العديد من المراقبين أنه من غير المرجّح أن يتنازل بوتين عن هذا الأمر لتأثير ذلك على مكانته في الداخل.

وقالت روز غوتيمولر، وهي دبلوماسية أميركية شغلت منصب نائب الأمين العام لحلف “الناتو” بين عامي 2016 و2019، لصحيفة “فايننشال تايمز” هذا الأسبوع، إن الكرملين بدأ في تعديل بعض مطالبه، فقد امتنع بوتين بشكل ملحوظ عن إعادة تأكيد مطالبه بتغيير النظام الأوكراني في الأيام الأخيرة.

واعتبرت الصحيفة أن احتمال التوصل إلى أي اتفاق سلام يستند إلى فهم بوتين أنه حصل على القليل مما يستطيع أن يكسبه.

ولم يستبعد جون هيربست، السفير الأميركي السابق في أوكرانيا، في حديث للصحيفة، التوصل إلى اتفاق بين البلدين، ولا سيما إذا تمّ دفع الروس إلى أقصى حدودهم في ساحة المعركة، وإذا بقي الغرب مصرًا على العقوبات، وعزّز المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

وقال: “لا يزال بوتين يعتقد أنه بطريقة ما سينتصر في ساحة المعركة. وإذا وصل إلى النقطة التي يفهم فيها أن ذلك غير ممكن، فربما يبدأ الطرفان بالتفاوض بجدية”.

المصادر:
العربي – ترجمات

nexus slot

garansi kekalahan 100