خبير بشؤون البيئة لـ اليوم: خطورة استخراج الغاز الصخري تكمن في طريقة استخراجه..تسجيل

أستاذ عامر الجريدي لو تعرٌف لنا الغاز الصخري؟
يوجد الغاز والبترول في جيوب تحت الأرض وفي عمق يتراوح بين 300أو500م تقريبا حيث اكتشف خلال  العشرين سنة الأخيرة وجود جيوب من الغاز والبترول في الصخر وهذا الصخر موجود على عمق حوالي 4000م تحت الأرض.
 فالغاز الصخري محصور داخل الصخر ويقع استخراجه باستعمال كميات كبيرة من الماء مخلوطة بالرمل، وبمئات المواد الكيميائية على عمق 400م فيتسرب الماء في الصخر ويفجره ويفتته وبالتالي يخرج الغاز ثم يقع شطفه من أجل استغلاله.
أثار موضوع استخراج الغاز الصخري زوبعة إعلامية سابقا ثم اختفى فجأة لماذا؟
من الناحية الإعلامية تعتبر مسألة الغاز الصخري واحدة من بين عدة قضايا في مرحلة ما يسمى الانتقال الديمقراطي ففي هذه المرحلة تعددت المشاكل فكانت مسألة البيئة مآلها النسيان، وهذه معضلة لأن البيئة ليست مجرد قطاع بل هي رؤية كاملة للحياة وللتنمية وللسياسة والتي أهملت تماما.
وتجهل الطبقة السياسية خفايا وأبعاد البيئة ومشاكلها حيث لا يمتلك الساسة أفكارا أو تصورات في هذا المجال ،وبالتالي إذا لم يعط السياسيون من معارضة وأحزاب الأهمية السياسية الكافية من خلال تأطير الشأن العام فستظل البيئة مهمشة تماما، ففي كل مرة تثار مسألة بيئية بحتة مثل النفايات والغاز الصخري والصيد بالكركارة…ثم تهمش.
ما هي تأثيرات استخراج الغاز الصخري، وهل أنتم ضد أم مع استخراجه؟
إن المشكل المثار حاليا هو الخلط الذي يقع فيه عديد الأفراد، فالجميع يعتقدون أن الغاز الصخري مشكل ويهدد لكنه مثل باقي أنواع الغاز، و تكمن الخطورة فقط في طريقة الاستخراج فهناك طريقة تحترم البيئة وليس لها مضار وطريقة أخرى سلبية ولها مضار وهي الطريقة التقليدية.
ونشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الشرقية استخدمت هذا النوع من الغاز وفي فرنسا أيضا ولو كان لمدة معينة ثم أوقفوا عمليات الاستخراج.
ولذلك نشدد على طريقة الاستخراج، ففي الطريقة التقليدية نستنزف الثروة المائية والتي تعتبر نادرة في عدة بلدان ومنها تونس وهي مهددة بالضغط المائي بحلول سنة 2020أو 2030 هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى استعمال الماء مخلوط بالرمل وبمئات المواد الكيميائية على عمق 4000م ليتسرب في الصخر فيفجره ويفتته ليخرج الغاز ويقع شطفه لاحقا وفي هذه العملية هناك أثار أخرى فالمواد الكيميائية المضرة والسامة عندما يكسر الصخر تتسرب إلى الطبقات الأرضية السفلى وأثناء صعود الغاز يكون مصحوبا ببعض المواد الكيميائية والتي تمس بالمائدة المائية كما تصعد بعد عملية التكسير بكتيريا تحت أرضية لا نعلم درجة خطورتها فالمضادات الحيوية التي بحوزتنا مخصصة للبكتيريا التي تعيش في الغلاف الجوي وفي المجال الحياتي للكرة الأرضية، كما لهذه البكتيريا مقاومة صلبة ويمكنها تهديد المنظومة البيئية والطبيعية لمكان الاستخراج.
ولذلك شخصيا أوافق فقط على طريقة الاستخراج الصديقة للبيئة والتي لا تحدث مضارا بيئية لأن تونس بحاجة لثرواتها الغازية و نشير  إلى أن عملية التنقيب  لا تكون إلا على مدى 10 سنوات على الأقل.
ما هي مواقع الحقول التي يمكن استغلالها في استخراج الغاز الصخري؟
هناك مثلث صفاقس والمنستير والقيروان وخاصة موقع بئر بوحجلة بمدينة القيروان وأيضا يوجد في الجنوب في منطقة شط الجريد وبين الجزائر وليبيا نجد حقولا للغاز الصخري.
هل هناك شركات دولية أو وطنية قامت بمشاريع في هذا الغرض؟
حاليا ليس هناك استغلال ما عدى  بعض محاولات التنقيب منذ سنة 2009 و2010 قبل الثورة وبعد الثورة هناك محاولات تنقيب ’’ببئر بوحجلة’’ وهذا ما أثار سابقا ضجة إعلامية.
وزعموا أن وزارة الصناعة منحت ترخيص لشركة ’’شال’’ فلا أرجح ذلك لأن عملية التنقيب تكون على أمد طويل وبعد تحديد المواقع ثم إنشاء المنصات و الآبار وهي عملية مكلفة، كما أن وزير الصناعة السابق صرح بغياب التراخيص حاليا دون أن يحدد هوية الترخيص هل هو بخصوص التنقيب أم الاستغلال.
أستاذ عامر الجريدي باعتبارك إطارا سابقا بوزارة البينة هل  كانت هناك تشريعات قانونية لدى الوزارة تمنع استخراج الغاز الصخري؟
هناك تشريع قانون1991  وبموجبه كل مشروع تجاري أو صناعي لا بد أن يعد دراسة التأثيرات البيئية وأن يتعهد بتلافي النفايات السلبية الناتجة عن الانتصاب والاستغلال والإنتاج وهذا التشريع يمكن تفعيله إن توفرت الإرادة السياسية .
هل تتوقع التصريح باستخراج الغاز الصخري في ظل تكالب الساسة على المال؟
 يبقى هذا الخيار متوقعا لأن السياسيين الجدد لديهم الهاجس المالي ويجدون في التنقيب على الغاز الصخري عائدات مالية جمٌة تحت شعار مشاريع للأجيال القادمة وتنمية مستديمة لكن رسميا يغيب البعد الاستراتيجي في التخطيط السياسي.
ويجري التنقيب  حاليا بمنطقة بئر بوحجلة مما ألحق ضررا بالمواطنين الذي أطلقوا صرخة استغاثة حيث زارتهم رابطة حقوق الإنسان مؤخرا لرصد المضار.
هناك من الخبراء من هو مع ومن هو ضد استخراج الغاز الصخري فما تعليقكم؟
هناك مسألة الجدال السياسي ولن أخوض فيه لكن مسألة الجهل وقلة الاطلاع على أبعاد استغلال هذا النوع من الغاز هي المشكل فالمفروض النظر في البدائل مثل الطاقة الشمسية والتي يمكن أن  تدر على الدولة بعائدات اقتصادية هامة  ويمكن أن  تخفض سعر الغاز المستعمل في البيوت  إلى النصف ان نجحنا في هذا المشروع.
وبالتالي يمكننا خلق سيادة اقتصادية لكن المشكل يكمن في الفاعلين السياسيين ولذلك ندعوهم إلى النظر بعقلانية في هذه المسألة لأن البيئة هي الحياة.
 باعتبار علاقتك المقربة بكتابة الدولة المكلف بشؤون البيئة حاليا كيف ترى البيئة في جدول أوقات الحكومة؟
الغريب في الأمر أنه منذ 14 جانفي 2011 لم يعد هناك وزارة خاصة بالبيئة وأصبحت مجرد كتابة دولة تابعة لوزارة الفلاحة  وبعد مقتل شكري بلعيد اتفقوا على تصغير تركيبة الحكومة لكن هذا التصغير اكتفى بحذف وزارة البيئة ووضعت كتابة دولة تدير شؤون البيئة وفي حكومة الجبالي كنت قد التقيت وزيرة البيئة وأسديت لها بعض النصائح العملية لكن للأسف وزارة البيئة بقيت غير فاعلة على امتداد الحكومات الثلاث من حكومة السبسي والجبالي والعريض حاليا.
ونشير إلى أن الإطارات في مجال البيئة يشتكون من عدم النشاط وإعداد مخططات بيئية جديدة حيث اقتصرت أنشطتهم حاليا فقط على عقد بعض الندوات لا غير.
ختاما هناك بعض الزلازل التي شهدتها بعض المدن التونسية فهل لها علاقة بعمليات التنقيب؟
لست جيولوجيا لكن لا أظن ذلك إطلاقا لأن تونس لا تزال في مرحلة التنقيب ولم تدخل مرحلة الاستغلال والذي يتضمن تكسير الصخر وهو الذي ربما قد يساهم في الحركة الزلزالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

nexus slot

garansi kekalahan 100