حول القسط الثالث للاكتتاب الوطني لسنة 2023

يكتبها بالنيابة :دكتور الاقتصاد رضا الشكندالي
القرض الرقاعي، أو الاكتتاب الوطني، طريقة من طرق تمويل ميزانية الدولة عن طريق اصدار رقاع خزينة متوسطة المدى وهو نوع من انواع الاقتراض الداخلي من الاشخاص الطبيعيين والمعنويين بنسبة فائدة تفوق 8 %.
هذا النوع من التمويل الداخلي أو الاقتراض الداخلي للدولة يكون مفيدا للاقتصاد عندما تتوفر الشروط التالية :
1) عندما تكون نسبة الادخار من الناتج المحلي الإجمالي جيدة وتعكس حالة من الرفاه لدى الأشخاص الطبيعيين والذين يستثمرون مدخراتهم في شراء سندات الدولة وتحقيق أرباح عالية بما أن نسبة الفائدة مرتفعة. لكننا نعيش حاليا في وضع متردي للمقدرة الشرائية ونسبة ادخار ضعيفة لا تمكن الأشخاص الطبيعيين من الاستثمار في سندات الدولة بل لا يتمكنون أصلا من الادخار قصد الاستثمار في سندات الدولة وهو ما بينته الأرقام المحققة في القسط الأول والثاني لهذه السنة.
2) عندما تمر المؤسسات الاقتصادية بحالة من وفرة للسيولة النقدية تجعل من حصة التمويل الذاتي لهذه المؤسسات عالية وهو ما يمكنها من استثمار ذلك في سندات الدولة. لكن الشركات التونسية تمر بأسوأ فترة في تاريخها كما تبينه أرقام النمو الاقتصادي للثلاثي الثاني من هذه السنة والتي شهدت تراجعا ملحوظا لأهم القطاعات الاقتصادية (الفلاحة -12،5%، البناء والتشييد -5،4%والصناعة -2،1%)
3) عندما تكون نسبة التضخم المالي منخفضة وهو ما يقلل من تداعيات هذا النوع من الاقتراض الداخلي على نسب التضخم المالي لأن هذا النوع من الاقتراض له تداعيات تضخمية بما أنه موجه الى تمويل نفقات استهلاكية للدولة. وبالرغم من المنحى التنازلي للتضخم المالي (حسب الانزلاق السنوي) والذي استقر في حدود 9،1% خلال شهر جويلية، إلا أنه، وحسب الانزلاق الشهري وهو الأصح، فإن نسبة التضخم المالي في صعود مستمر خاصة في المواد الأساسية الحياتية من لحوم وبيض وأسماك وخضر وغلال وزيوت نباتية. وبالتالي فإن الإفراط في الاقتراض الداخلي لتمويل نفقات الاستهلاك للدولة في شكل قروض لدى البنوك التونسية أو الاكتتاب الوطني ستكون له تداعيات تضخمية تمس من المقدرة الشرائية للمواطن التونسي.
تبقى البنوك التونسية هي المستفيدة الوحيدة من هذه العملية والتي تحقق لها أرباح عالية بحكم النسبة المرتفعة للفائدة المديرية والإقراض بصفر مخاطر. وتبقى المؤسسات الاقتصادية محرومة من السيولة النقدية التي تجعل من الاقتراض لدى البنوك التونسية أمرا يكاد أن يكون مستحيلا وهو ما ينعكس سلبا على مؤشرات النمو الاقتصادي والبطالة.

nexus slot

garansi kekalahan 100