مجلة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة تقيل فريق كتابها

سرّحت مجلة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة، ومقرها واشنطن، يوم أمس الأربعاء، منْ تبقى من فريق كتابها، بعد سلسلة من العقبات التي واجهت المجلة المتخصّصة في مجالي العلوم والطبيعة خلال السنوات الأخيرة، بحسب ما أوردته صحيفة ذا واشنطن بوست الأميركية.

ويأتي القرار الأخير من المؤسّسة المملوكة لـ“والت ديزني”، ليضع حداً لعمل 19 موظفاً في طاقم التحرير، وذلك بعد إخطارهم بإنهاء خدماتهم في افريل الماضي.

وبدءاً من اليوم، ستعمل المجلة بنظام التعاقد لإنجاز المقالات مع مترجمين ومحرّرين مستقلين. كذلك، أدت التخفيضات إلى إقفال القسم الصوتي الصغير في المجلة.

وبحسب “ذا واشنطن بوست”، تعد هذه ثاني عملية تخفيض للموظفين خلال 9 أشهر، والرابعة منذ تغيّر ملكية المجموعة في عام 2015. خلال شهر سبتمبر الماضي، فصلت “ديزني” ستة من كبار المحررين في إعادة تنظيم غير مسبوقة للعمل التحريري للمجلة.

وقال الموظفون المغادرون، أمس الأربعاء، إنّ المجلة خفضت قيمة عقود الصور التي تمكّن المصورين عادةً من قضاء عدة أشهر لإنتاج الصور المميزة التي اشتهرت بها المجلة.

وكانت الشركة قد قالت، في إعلان داخلي، الشهر الماضي، إنّها ستتوقّف العام المقبل عن توزيع النسخ المطبوعة من المجلة في أكشاك بيع الصحف في الولايات المتحدة، في خطوة أخرى لخفض التكاليف.

وقال الكاتب في المجلة، كريغ ويلش، في تغريدة عبر “تويتر”، يوم أمس: “وصلت إلي النسخة الجديدة من ناشونال جيوغرافيك، والتي تتضمن أحدث مقالاتي، مقالي السادس عشر والأخير ككاتب رئيسي”، مضيفاً: “لقد كنت محظوظاً جداً. عملت مع صحافيين رائعين ونقلت قصصاً عالمية مهمة. لقد كان ذلك شرفاً لي”.

وكان المسار التراجعي الحالي الذي تعيشه المجلة طور الإعداد منذ سنوات، وبدأ العمل به بسبب التراجع التاريخي للمطبوعات لصالح صعود الأخبار والمعلومات الرقمية. ففي عالم حديث يعتمد على السرعة، بقيت “ناشيونال جيوغرافيك” مجلة ورقية شهرية، تحتاج صورها ومقالاتها أحياناً إلى أشهر من البحث والإعداد.

في فترة الذروة؛ أي أواخر الثمانينيات، وصل عدد مشتركي المجلة إلى 12 مليوناً في الولايات المتحدة، إضافة إلى ملايين آخرين في الخارج. استمتع القراء بإضاءتها على عوالم أخرى، مثل الفضاء الخارجي والمحيطات إضافةً إلى مناطق غير معروفة على كوكب الأرض.

في الوقت الذي تراجع فيه عدد المجلات واسعة الانتشار، لا تزال “ناشيونال جيوغرافيك” من بين المجلات الأكثر قراءة في الولايات المتحدة، إذ وصل عدد مشتركيها في نهاية عام 2022 إلى قرابة 1.8 مليون مشترك.

كانت المجلة قد صدرت لأوّل مرة عبر الجمعية الجغرافية الوطنية بواشنطن، التي شكلتها مجموعة من 33 شخصاً من علماء وأكاديميين ومغامرين، أبرزهم ألكسندر غراهام بل، ووصل عدد مشتركيها إلى مليون شخص بحلول ثلاثينيات القرن الماضي.

أمّا اليوم فلم تعد المجلة قادرةً على منافسة تلفزيوني “ناشيونال جيوغرافيك” و”ناشيونال جيوغرافيك وايلد” لناحية الأرباح واهتمام الجمهور. وتنتج القناتان أفلاماً وثائقيةً أنتجت باتباع القواعد الصارمة التي تتبعها المجلة.

من جهة أخرى، نجحت البرامج والأفلام التي تنتجها شركات مثل “فوكس”، المملوكة لروبرت مردوخ، في جذب فئة أخرى من المشاهدين بأعمالٍ لا تتحرّى الدقة العملية بقدر ما تركز على التسلية.

وتواصل تراجع مكانة المجلة بعد سلسلة من التغييرات المؤسسية التي بدأت في عام 2015، عندما وافقت الجمعية على تشكيل شراكة هادفة للربح مع “فوكس سنتشوري 21″، والتي سيطرت على غالبية المجموعة مقابل 725 مليون دولار. ثمّ جاءت الشراكة مع “ديزني” في عام 2019 كجزء من صفقة ضخمة بقيمة 71 مليار دولار تمّت بين “فوكس” و”ديزني”.

ومن بين أولئك الذين فقدوا وظائفهم في عملية الفصل الأخيرة، تبرز نائبة رئيس قسم التنوع والمساواة والشمول في “ناشيونال جيوغرافيك ميديا”، ديبرا آدمز سيمونز، والتي رقّيت إلى منصبها في سبتمبر الماضي.

وقال نائب الرئيس التنفيذي للشركة، ديفيد ميلر، إنّ المجلة “تعيد تنظيم الإدارات الرئيسية للمساعدة في تعميق المشاركة مع القراء، مع مراعاة نماذج الأعمال الحالية وتطوير خطوط جديدة للإيرادات”.

في رسالة وصلت بالبريد الإلكتروني إلى “ذا واشنطن بوست”، يوم أمس الأربعاء، قال المتحدث باسم “ناشيونال جيوغرافيك”، كريس ألبرت، إنّ تغييرات التوظيف لن تؤثر على خطط الشركة لمواصلة نشر مجلة شهرية، مؤكّداً أنّ ذلك “يمنحنا مزيداً من المرونة لسرد القصص المختلفة والالتقاء بجماهيرنا أينما كانوا عبر العديد من المنصات”.

nexus slot

garansi kekalahan 100