كلمات ممنوعة
عندما يتعلق الأمر بثورة فان المسألة تستوجب قطعا مع القديم و تأسيسا للجديد و لا يكون القطع مع القديم إلا عبر قطع الطريق أمام كل عودة ممكنة للرموز و للأفعال على حد السواء أما التأسيس للجديد فمرتبط أساسا بمدى قدرة السياسيين و المثقفين على فهم الديناميكيّة المعقدة للثورة التي حوّلتهم من هامش الحياة السياسية إلى مركزها.
من هذه الزاوية يمكن اعتبار المرحلة التأسيسية المابعدثوريّة اختبارا أخلاقيا بالأساس لكل النخب و التنظيمات السياسيّة لإثبات انخراطها في المشروع الثوري عملا و تنظيرا. لكن عندما تبدع جماجم المثقفين في إجهاد نفسها من أجل أن تخلق أعذارا أو تفسيرات لا يقبلها حتى الجاهل و عندما تصر إصرارا على المطالبة بتحقيق قيم نسبية لا يمكن لأي عبقري على وجه الأرض تحويلها إلى حقيقة و عندما تستميت في "الجهاد" من أجل تغييب نفسها بنفسها و إن استدعى ذلك تحويل البلاد إلى محرقة و عندما يتحوّل غبيّ جاهل لا يجمع و لا يطرح إلى منظّر للقوم و عندما يستورد مثقف نابغ نماذج قد تخلّى عنها حتّى أصحابها لفشلها و يريد تطبيقها في الحاضر و عندما يطالب الإنسان بحقوقه و يمتنع عن أداء واجباته و يحوّل نفسه إلى آلة للتصفيق و التهليل لغيره. عندما يصر المتثاقفون على حشد المؤيّدات الغير مقنعة لجعل الفكر و ملكة العقل مجرّد أداة رخيصة لإشباع الغرائز و يتبارون و يتقاتلون من أجل الفوز بلحظة اللذّة المحدودة جدا في المكان و الزمان أو أنهم يتعالون على واقعهم و حقيقتهم الوضيعة فقط للتكبّر بنجاحهم في الضحك على الآخرين تصبح الأرض التي تحويهم أشبه بقفص صراصير يحاول كل واحد منهم أن يرفع صوت صريره أعلى من أصوات الآخرين حتّى تعرفه الإناث و تعجب به و عندما تتحوّل البرامج التلفزيّة و المنوّعات الإذاعية إلى أوكار لإنتاج الغباء و مخازن لإنتاج الصراعات و تصديرها و مجالس للمشوّهين سياسيا يتحوّل جهاز الراديو و جهاز التلفاز إلى نذير شؤم و سبب بلايا.